غزوة ذي أَمَر (غطفان): حين اكتشف المسلمون أول شبكة تجسس ضد المدينة المنوّرة!
كان صباح المدينة المنوّرة هادئًا…
إلى أن جاء رجل من البادية يهمس في أذن النبي ﷺ بأن قبائل غطفان في الشمال قد بدأت تحشد رجالها لشنِّ هجومٍ مباغت على المسلمين.
لم تكن غزوة سيوفٍ ودروعٍ، بل كانت غزوة عقولٍ واستخباراتٍ مبكرة؛
فقد أدرك رسول الله ﷺ أن بقاء الدولة الإسلامية الناشئة آمنًا يتطلب معرفة نوايا الأعداء قبل أن يتحركوا.
🌄 فبأمرٍ نبويٍّ مباشر، تجهّزت كتيبة من 450 مجاهدًا من خيرة الصحابة،
يتقدمهم النبي ﷺ بنفسه، وساروا نحو الشمال في طريقٍ وعرٍ يؤدي إلى منطقة ذي أَمَر —
موطن قبائل بني ثعلبة وبني محارب من غطفان.
الهدف لم يكن القتال هذه المرة، بل الردع الاستباقي وإرسال رسالة إلى كل من يفكر في خيانة المدينة:
“الإسلام لا ينام… وإن نام الأعداء.”
وفي هذه الغزوة، ولأول مرة في التاريخ الإسلامي،
يُكتشف كمينٌ استخباراتي ضد الدولة الإسلامية قبل أن يبدأ،
ويتحول الخطر الخفي إلى نصرٍ صامتٍ حفظ المدينة من الدماء.
![]() |
| تصوير سينمائي واقعي لمسير فرسان المسلمين نحو منطقة ذي أَمَر في غزوة غطفان، حين خرج المسلمين بجيشٍ من 450 مقاتلًا لردع قبائل بني ثعلبة وبني محارب قبل أن يهاجموا المدينة المنوّرة. |
🏜️ أسباب غزوة ذي أَمَر (غطفان) واكتشاف نوايا الأعداء مبكرًا
كانت قبائل غطفان من أشد القبائل عداوة للإسلام في شمال الجزيرة،
وقد رأت في تراجع قريش بعد أُحد فرصةً لتقويض قوة المسلمين.
بدأت الأخبار تتواتر إلى المدينة عن تحركاتٍ غامضة في وادي غطفان،
حيث اجتمع زعماء بني ثعلبة وبني محارب يتشاورون على غزو المدينة المنوّرة في غفلةٍ من أهلها.
لم يكن ذلك مجرد إشاعة…
بل وصلت إلى النبي ﷺ تقارير استخباراتية مؤكدة من بعض القبائل الموالية له،
تفيد بأن تحالفًا قبليًا في طريقه للتشكل ضد المسلمين.
فما كان من النبي ﷺ إلا أن تحرك بسرعةٍ لقطع الطريق على المؤامرة قبل أن تبدأ.
1.⚔️ ما سبب غزوة ذي أَمَر وكيف علم النبي ﷺ بمؤامرة غطفان؟
1️⃣ التحرك الاستباقي لحماية المدينة: بعد غزوة حمراء الأسد، كانت القبائل تراقب الموقف بحذر.ظنّ بعضهم أن المسلمين منهكون، فبدأت غطفان في حشد رجالها. علم النبي ﷺ من عيونه في البادية – رجالٍ بثّهم في الطرق والمضارب – أن الهجوم وشيك.
فأمر بتجهيز جيشٍ من 450 مقاتلًا لردع غطفان قبل أن تقترب من حدود المدينة.
2️⃣ ذكاء القيادة النبوية: لم ينتظر النبي ﷺ أن تُهاجَم المدينة، بل تحرك فورًا نحو منطقة ذي أَمَر، وهي موضعٌ يقع في أعالي نجد، بين وادي الرمة ووادي الفرع، ليُظهر للعرب أن المسلمين هم من يتحكمون في زمام المبادرة، لا أعداؤهم.
2.🕵️♂️ كيف كانت المعلومات الاستخباراتية سببًا في إنقاذ المدينة من هجومٍ مباغت؟
1️⃣ نظام العيون والمراقبة: كان للنبي ﷺ شبكةٌ من العيون والرُّسُل الذين ينقلون الأخبار من القبائل البعيدة، وكانوا يجمعون المعلومات عن نوايا العدو وتحركاته، مما جعل المسلمين أول من أسّس نظام الاستخبارات الوقائية في الحروب.
2️⃣ إفشال خطة غطفان دون قتال: حين وصل الجيش الإسلامي إلى ذي أَمَر، فوجئت القبائل أن المسلمين وصلوا قبلهم،
ففرّوا هاربين إلى أعماق الصحراء دون مواجهةٍ واحدة. وبذلك تحققت الغاية الكبرى من الغزوة:
“الردع بلا دماء… والنصر بالعقل قبل السيف.”
3️⃣ إرسال رسالة ردع إلى الجزيرة كلها: سمعت القبائل أن غطفان تراجعت أمام المسلمين، فعلم الجميع أن المدينة يقظةٌ، لا تُخدع، ولا تُهاجم دون حساب.
كانت غزوة ذي أَمَر بدايةً لعصرٍ جديدٍ من القيادة النبوية،
حيث أصبحت المعلومة سلاحًا يُساوي في قوته السيف،
وصار الأمن والاستخبارات جزءًا من بناء الدولة الإسلامية.
⚔️ أحداث غزوة ذي أَمَر (غطفان) خطوة بخطوة – حملة الردع بلا قتال
تحرّك جيش المسلمين من المدينة في صباحٍ باكرٍ هادئٍ،
وكانت الرمال تمتد أمامهم كأنها تختبر صبرهم وثباتهم،
لكنهم لم يكونوا في رحلةٍ عادية، بل في مهمةٍ استباقية لإنقاذ المدينة من خطرٍ وشيك.
1.🏜️ كيف تحرك جيش المسلمين بقيادة النبي ﷺ إلى ذي أَمَر؟
♥ التجهيز السريع والمفاجئ: بمجرد وصول الأخبار عن تحرك غطفان، أمر النبي ﷺ بتعبئة جيشٍ من 450 مقاتلًا،
واصطحب معه مجموعة من كبار الصحابة، منهم عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم. انطلق الجيش من المدينة متجهًا شمال شرق نحو منطقة ذي أَمَر، مارًّا بجبالٍ وعرة ووديانٍ ضيقة، تحت لهيب شمسٍ قاسية، لكن الحماس الإيماني كان أقوى من كل تعبٍ أو عطش.
♥ رفع الرايات وإظهار القوة: حرص النبي ﷺ على أن يُظهر الجيش بمظهر القوة والعدد، حتى إذا بلغ خبرهم القبائل، ظنّوا أن المدينة خرجت بجيوشها كلها. كانت الرايات البيضاء تُرفرف في الصحراء، والغبار يتصاعد من تحت أقدام الخيل والجمال في مشهدٍ مهيبٍ يبعث الرهبة في القلوب.
♥ معسكر المسلمين في ذي أَمَر: وصل الجيش إلى منطقة تُعرف بـ ذي أَمَر – بين وادي الفرع ونجد – فنصبوا معسكرهم عند سفح جبلٍ صخريٍّ يطلّ على وادٍ واسع، ومن هناك أرسل النبي ﷺ الطلائع الاستطلاعية لتقصي أخبار العدو.
2.🏹 ماذا حدث عند وصولهم حتى انسحبت القبائل دون معركة؟
♣ الانسحاب المفاجئ لقبائل غطفان: حين علمت قبائل بني ثعلبة وبني محارب أن المسلمين قد وصلوا قبلهم، أصابهم الخوف وتفرقوا في الصحراء دون قتال، فلم يجد المسلمون إلا الآبار الخالية وبعض الإبل المهجورة.
♣ نظام الحراسة الليلية: أقام النبي ﷺ معسكره هناك عدة أيام، وكان يوزع الحراسة الليلية بنفسه، وفي إحدى الليالي كاد أحد المشركين يُهاجم النبي ﷺ وهو نائم، لكن الله نجّاه بمعجزةٍ حين سقط سيف الرجل من يده، فأمسك به النبي ﷺ وقال له:
«من يمنعك مني؟»
قال: “لا أحد.”
فأطلقه النبي ﷺ فعاد إلى قومه يقول:
“جئتكم من عند خير الناس.”
♣ عودة الجيش بلا قتال ولكن بانتصارٍ كامل: بعد أيامٍ من التمركز في ذي أَمَر والتأكد من تراجع غطفان، عاد المسلمون إلى المدينة المنوّرة دون أن تُراق قطرة دم واحدة، لكنهم عادوا وقد أرهبوا القبائل، وأثبتوا أن الإسلام دائم اليقظة.
كانت غزوة ذي أَمَر (غطفان) نصرًا هادئًا بلا معركة، ورسالةً تقول: “من يخطط ضد المدينة، يُهزم قبل أن يبدأ.”
🦁 بطولات الصحابة في غزوة ذي أَمَر ودروس القيادة النبوية الحكيمة
كانت غزوة ذي أَمَر ميدانًا خفيًّا للبطولة؛ لا صليل سيوف ولا صرخات معارك،
بل بطولةٌ في الصبر والانضباط والطاعة،
وبطولةُ رجالٍ ساروا لأيامٍ في الصحراء ليدافعوا عن المدينة قبل أن يُهاجَموا.
1.⚔️ من هم أبرز الصحابة الذين شاركوا في غزوة ذي أَمَر؟
- سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: كان من قادة الكتائب الميدانية، وهو أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله. أبدى خلال الغزوة انضباطًا شديدًا في الحراسة الليلية وفي تنظيم الصفوف، وكان من المقربين من النبي ﷺ في تلك الحملة.
- طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: من الصحابة الذين شاركوا رغم التعب بعد غزواتٍ متتالية، اشتهر بقدرته على إدارة الرجال ورفع الروح المعنوية في الجيش. كان يقول لإخوانه: “قد يكون الصمت في هذه الغزوة أشد أثرًا من صوت السيوف.”
- عثمان بن عفان رضي الله عنه: شارك في تجهيز العتاد والمؤن قبل الانطلاق، وأشرف على توزيع الطعام والماء في الطريق الوعر، ليُظهر أن القيادة لا تكون بالسيف فقط، بل أيضًا بالتنظيم والرعاية.
- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان أحد القرّاء الذين يُثبّتون القلوب بذكر الله أثناء الليل، وكان صوته في تلاوة القرآن يُسمع في أرجاء الصحراء فيبعث الطمأنينة في النفوس.
- الحُباب بن المنذر رضي الله عنه: كان من أوائل المستطلعين الذين خرجوا قبل الجيش لرصد مواقع الأعداء، وأثبت شجاعةً كبيرة في دخول مناطق وعرةٍ بمفرده.
2.🧭 ما الدروس القيادية التي تعلّمها المسلمون من هذه الحملة الذكية؟
- الردع أهم من القتال: علّم النبي ﷺ الأمة أن منع الحرب أحيانًا أعظم من خوضها، وأن الحذر والمعلومة الدقيقة قد تمنع سفك الدماء.
- الاستعداد النفسي قبل العسكري: غزوة ذي أَمَر كانت تدريبًا على الجاهزية الدائمة، فلم يكن الهدف القتال بل إثبات أن المسلمين مستعدون في كل وقت.
- القيادة بالثقة لا بالخوف: النبي ﷺ لم يُرهِب جنوده من العدو، بل زرع فيهم الإيمان بالنصر قبل أن يروا العدوّ نفسه.
- العمل الجماعي: كلّ صحابي كان جزءًا من منظومةٍ دقيقةٍ تتحرك بلا ارتباك، من الاستطلاع إلى الحراسة إلى الإمداد، وهي نواة التنظيم العسكري الإسلامي الحديث.
- النصر بالخلق قبل القوة: حين عفا النبي ﷺ عن الرجل الذي حاول قتله في الليل، علّم أعداءه قبل أصحابه أن الرحمة أقوى من الانتقام.
لم تكن غزوة ذي أَمَر معركةً من نارٍ وحديد، بل كانت معركة وعيٍ وحكمة، أثبتت أن أعظم الانتصارات هي تلك التي تُحقّق دون أن تُراق فيها دماء.
![]() |
| تصوير سينمائي واقعي للحراسة الليلية التي أقامها الصحابة في معسكر غزوة ذي أَمَر، حيث سهروا يحرسون النبي ﷺ والجيش من غدر القبائل، في واحدة من أوائل العمليات الوقائية في التاريخ الإسلامي. |
⚖️ نتائج غزوة ذي أَمَر (غطفان) وأثرها في هيبة الدولة الإسلامية
كانت غزوة ذي أَمَر واحدة من الغزوات التي لم تُسفك فيها الدماء، لكنها حققت من النتائج ما تعجز عنه الجيوش في أعنف المعارك.
لقد خرج المسلمون من المدينة بلا قتالٍ، وعادوا وقد أرهبوا الجزيرة كلها،
وأثبتوا أن الإسلام لا يُؤخذ على حين غِرّة، وأن عيون المدينة لا تنام أبدًا.
1.🏵️ ما النتائج التي ترتبت على غزوة ذي أَمَر سياسيًا وعسكريًا؟
1️⃣ انهيار التحالف المعادي قبل أن يُولد:
كانت القبائل المتحالفة من بني ثعلبة وبني محارب من غطفان تستعد للهجوم،
لكنّ تحرك النبي ﷺ السريع أفشل التحالف قبل أن يجتمع.
وبذلك حققت الغزوة انتصارًا سياسيًا باكرًا قبل اندلاع الحرب.
2️⃣ تثبيت هيبة المسلمين في شمال الجزيرة:
أدركت القبائل أن قوة المدينة ليست فقط في السيوف، بل في سرعة القرار والمعلومة الدقيقة.
فصار اسم المسلمين يُذكر مقرونًا باليقظة والبأس،
حتى قال بعض شيوخ البادية:
“من أراد غزو المدينة، فقد أعلن الحرب على نفسه.”
3️⃣ تأمين الطرق التجارية:
كانت طريق غطفان تمر بقوافل المدينة المتجهة نحو الشمال،
وبعد الغزوة أصبح الطريق آمنًا تمامًا،
فانتعشت تجارة المسلمين وزادت مواردهم الاقتصادية.
4️⃣ تطوير نظام المراقبة والحراسة:
بعد نجاح المخابرات في كشف نية غطفان،
اعتمد النبي ﷺ رسميًا على نظام “العيون” في أطراف المدينة،
وهو ما صار لاحقًا النواة الأولى لجهاز الأمن الإسلامي.
2.🕊️ كيف ساهمت غزوة ذي أَمَر في ترسيخ مكانة الدولة الإسلامية بين القبائل؟
1. المدينة أصبحت قوة مركزية:
بعد هذه الغزوة، لم تعد القبائل تنظر إلى المسلمين كجماعةٍ محصورة في المدينة،
بل كقوةٍ سياسيةٍ منظمة قادرة على التحرك في أي وقتٍ لحماية حدودها.
2. ظهور القيادة النبوية الاستراتيجية:
أثبت النبي ﷺ أنه ليس فقط قائدًا في ميدان المعركة،
بل قائد دولةٍ يعرف متى يهاجم ومتى يردع ومتى يمنع الحرب قبل أن تقع.
3. تحييد غطفان لمدة طويلة:
لم تجرؤ غطفان بعد هذه الغزوة على مهاجمة المدينة لسنوات،
حتى اضطرّت لاحقًا إلى الدخول في تحالفات دفاعية مع المسلمين.
4. ترسيخ مبدأ “الردع النفسي”:
صار مبدأ “الهيبة قبل المعركة” أسلوبًا نبوياً ثابتًا،
وهو ما جعل أعداء الإسلام يخشون اسمه حتى قبل أن يروا جيشه.
لقد كانت غزوة ذي أَمَر نصرًا صامتًا،
لم تُرفع فيه السيوف، بل ارتفعت فيه هيبة الدولة الإسلامية إلى عنان السماء.
📜 الدروس والعبر من غزوة ذي أَمَر – نصر العقل والإيمان دون دماء
غزوة ذي أَمَر لم تكن معركةً بالمعنى الحرفي،
بل كانت انتصارًا للعقل والحكمة، وتجسيدًا لمبدأ “الوقاية خير من الحرب”.
ففيها أسّس النبي ﷺ لأسلوبٍ جديدٍ في إدارة الدولة والحروب،
أسلوبٍ يجمع بين الاستخبارات والردع والإيمان،
ليعلّم الأمة أن النصر لا يكون دائمًا بالدماء، بل بالوعي واليقظة.
1.💡 ما أبرز الدروس المستفادة من غزوة ذي أَمَر في القيادة النبوية؟
- القيادة الاستباقية: لم ينتظر النبي ﷺ العدو ليهاجم، بل تحرّك قبله بخطوة، فأحبط خطته وأنقذ المدينة دون خسائر. وهذا يرسّخ مبدأ أن القائد الناجح هو من يرى الخطر قبل أن يصل.
- الاعتماد على المعلومة قبل القرار: اعتمد النبي ﷺ على شبكةٍ من المراقبين والعيون، فكانت المعلومة هي السلاح الأقوى، تسبق السيف وتحسم الموقف دون دماء.
- الردع الذكي بلا مواجهة: أثبتت الغزوة أن إظهار القوة أحيانًا يغني عن استعمالها، فلمّا رأت القبائل استعداد المسلمين، تراجعت دون قتال.
- الحكمة في إدارة الموارد: لم يُهدر النبي ﷺ طاقة المسلمين في معاركٍ بلا هدف، بل وجّهها نحو حماية الدولة وبناء أمنها، ليُظهر أن السياسة والحنكة جزءٌ من الجهاد.
- التوازن بين الإيمان والعقل: كانت الغزوة مثالًا على أن الإيمان لا يعني الاندفاع، بل أن القوة الحقيقية في ضبط النفس واتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.
2.🧭 كيف علّمت غزوة ذي أَمَر الأمة أن النصر قد يُصنع بالمعلومة لا بالسيف؟
- المخابرات أداة نبوية مبكرة: هذه الغزوة كشفت عن نظام استخباري متكامل أسّسه النبي ﷺ، من العيون والرُّسل إلى المراقبة الميدانية، مما جعل الدولة الإسلامية تعرف أعداءها قبل أن يتحركوا.
- الانتصار النفسي والسياسي أهم من الميداني: لم تكن هناك معركة، ولكن هيبة المسلمين تضاعفت، وأصبح العرب يعلمون أن المدينة تعرف ما يُخطّط لها قبل أن يُقال.
- القوة في الحكمة لا في الدماء: كانت رسالة الغزوة للعالم أن الإسلام دين عقلٍ وتخطيطٍ ووعي، لا يُقاتل إلا حين يكون القتال ضرورةً لا مفرّ منها.
- تأسيس مفهوم الأمن القومي الإسلامي: ما فعله النبي ﷺ في ذي أَمَر هو أول تطبيقٍ لمفهوم “أمن الدولة”، حيث تحرّك الجيش ليس للغزو، بل لحماية الوطن من الخطر قبل وقوعه.
"لقد انتصر المسلمون في ذي أَمَر بلا دماء،
لأنهم امتلكوا البصيرة قبل البصر،
والعقل قبل السيف، والإيمان قبل النزال."
🧭 الأسئلة الشائعة حول غزوة ذي أَمَر (غطفان) FAQ
1. ما هي قصة غزوة ذي أَمَر؟
غزوة ذي أَمَر (غطفان) وقعت في السنة الثالثة للهجرة، بعد غزوة حمراء الأسد.بلغ النبي ﷺ أن قبائل غطفان وبني ثعلبة وبني محارب تجمع جيوشها للهجوم على المدينة،
فأعدّ جيشًا من 450 مقاتلًا وخرج إليهم قبل أن يتحركوا.
لكن حين علمت القبائل بوصول المسلمين، هربوا دون قتال،
فكانت الغزوة نصرًا استخباراتيًا ومعنويًا كبيرًا دون إراقة دماء.
2. أين تقع منطقة ذي أَمَر؟
تقع ذي أَمَر شمال شرق المدينة المنوّرة،بين وادي الرمة ووادي الفرع،
في منطقة جبلية قاحلة على طريق نجد،
كانت تُعدّ آنذاك موطنًا لقبائل غطفان وعدد من الأحلاف المعادية للإسلام.
3. ما سبب غزوة ذي أَمَر؟
السبب الرئيسي للغزوة هو إفشال مؤامرة كانت تُحاك ضد المدينة من قبائل غطفان،التي أرادت استغلال جراح المسلمين بعد أُحد للهجوم عليهم.
فجاء القرار النبوي بالتحرك السريع قبل أن يبدأ العدو،
وهو ما جعلها أول غزوة “وقائية” في التاريخ الإسلامي.
4. كم كان عدد جيش المسلمين في غزوة ذي أَمَر؟
كان عدد المسلمين حوالي 450 مقاتلًا،جميعهم من رجال المدينة ومن شهدوا غزواتٍ سابقة،
وقد خرجوا بقيادة النبي ﷺ في حملة استباقية
تمتاز بالانضباط والسرية والسرعة في الحركة.
5. ما نتائج غزوة ذي أَمَر؟
- هروب قبائل غطفان دون مواجهة.
- إحباط أول محاولة غزوٍ للمدينة بعد أُحد.
- رفع هيبة المسلمين في شمال الجزيرة.
- تأمين الطرق التجارية نحو نجد والشام.
- تأسيس نظام الاستخبارات الدائم في الدولة الإسلامية.
6. هل وقعت معركة فعلية في غزوة ذي أَمَر؟
لا، لم يقع أي قتال في هذه الغزوة،بل كانت غزوة ردعٍ واستخباراتٍ
انتهت بانتصار المسلمين دون أن تُراق فيها قطرة دم واحدة.
7. ما الدروس المستفادة من غزوة ذي أَمَر؟
- ضرورة التحرك السريع في مواجهة الأخطار.
- أهمية المعلومة الاستخباراتية في حماية الأمة.
- القائد الناجح هو من يمنع الحرب قبل أن تشتعل.
- النصر الحقيقي هو الحفاظ على الأمن دون خسائر.
- الإسلام دين عقلٍ وتخطيطٍ وليس اندفاعًا أعمى.
🔥 الخاتمة: ذي أَمَر – النصر الذي صاغه العقل قبل السيف 🔥
في صحراءٍ ساكنةٍ إلا من نسمات الليل ورمالٍ تُغنّي بصوت الريح،
عاد جيش المسلمين من غزوة ذي أَمَر دون معركةٍ ولا دماء،
لكن بقلوبٍ مفعمةٍ بالفخر والعزيمة.
لقد كانت غزوة بلا صليل سيوف، ومع ذلك كتبها التاريخ كـ نصرٍ استراتيجيٍ خالد،
نصرٌ علّم البشرية أن الوعي والبصيرة قد يسبقان ألف جيشٍ من الحديد.
في تلك الغزوة، كشف النبي ﷺ عن عبقريةٍ قياديةٍ لا نظير لها،
فقد جعل المعلومة درعًا، واليقظة سلاحًا، والردع طريقًا لحماية المدينة.
ومنذ تلك اللحظة، لم تعد المدينة مجرد موطنٍ للمؤمنين،
بل أصبحت عاصمة دولةٍ تعرف متى تتحرك، وكيف تنتصر دون أن تخسر.
لقد كان نصر ذي أَمَر ميلادًا جديدًا لفكرٍ عسكريٍ إسلاميٍ قائمٍ على الحكمة،
فالإيمان لا يعني الاندفاع، بل يعني أن ترى بعيونٍ من نورٍ ما لا يراه غيرك في ظلام الحرب.
“من يمنع المدينة؟ الله حارسها، والنبي قائدها، والمؤمنون درعها.”
وهكذا، خُتمت غزوة ذي أَمَر بنصرٍ عظيمٍ في ثوبٍ من الهدوء،
وغدت آيةً في التاريخ تقول:
ليس كل نصرٍ يُقاس بعدد القتلى، بل بعدد العقول التي منعت القتال.
💬 شاركنا رأيك أيها القارئ الكريم 👇
1️⃣ هل ترى أن غزوة ذي أَمَر كانت بداية تطور الفكر العسكري الإسلامي القائم على المعلومة؟
2️⃣ في رأيك، أيهما أعظم: النصر بالسيف أم النصر بالعقل والوعي؟
3️⃣ هل يمكن للأمة اليوم أن تتعلم من ذي أَمَر كيف تنتصر دون حرب؟
شاركنا رأيك في التعليقات — فالتاريخ لا يعيش في الكتب،
بل في القلوب التي تفهم دروسه وتعيدها حياةً في حاضر الأمة.
📚 المصادر والمراجع التاريخية لغزوة ذي أَمَر (غطفان)
| المصدر | المؤلف | نبذة عن الاعتماد التاريخي |
|---|---|---|
| السيرة النبوية | ابن هشام | المرجع الأقدم والأوثق لأحداث الغزوات، ذكر تفاصيل التحرك إلى ذي أَمَر وتسلسل الوقائع بدقة. |
| الطبقات الكبرى | ابن سعد | يورد أسماء القبائل المشاركة في الغزوة ووصف الموقع الجغرافي بدقة، مع ذكر المدة الزمنية للحملة. |
| البداية والنهاية | ابن كثير | يسرد القصة الكاملة للغزوة ضمن أحداث السنة الثالثة للهجرة ويحلل نتائجها السياسية والعسكرية. |
| دلائل النبوة | البيهقي | يذكر حادثة الرجل الذي حاول قتل النبي ﷺ في أثناء الغزوة، وكيف عفا عنه النبي لتتحقق الدعوة بالحكمة. |
| زاد المعاد في هدي خير العباد | ابن القيم الجوزية | يقدّم تحليلًا دقيقًا للجانب القيادي والاستباقي في الغزوة، ويصفها بأنها نصر استخباراتي بامتياز. |
📜 ملاحظة تاريخية دقيقة:
وقعت غزوة ذي أَمَر (غطفان) في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة،
بعد غزوة حمراء الأسد مباشرة، وكان الهدف منها ردع قبائل غطفان التي خططت لمهاجمة المدينة.
لم يُسفك فيها دم، ولكنها كانت بداية التحول في الفكر العسكري الإسلامي نحو الاستباق والمعلومة والردع الوقائي.
وقد نزل في شأنها وعد الله للمؤمنين الذين يحمون ديارهم بوعيٍ وصبرٍ قوله تعالى:
«وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» – الأنفال: 30
🕋 إقرأ أيضًا من سلسلة الغزوات النبوية:


شكرًا لزيارتك مدونتي!
أحب أن أسمع أفكارك وآراءك حول ما تقرأه هنا. يرجى ترك تعليقك أدناه وإخباري برأيك في المقالة. تعليقاتك ذات قيمة بالنسبة لي وتساعد في تحسين المحتوى الذي أقدمه.
ملاحظة:
يرجى تجنب استخدام اللغة الغير اللائقة.
سيتم إزالة التعليقات التي تحتوي على روابط غير مرغوب فيها أو لغة مسيئة.
شكرًا لوقتك وأتطلع لقراءة تعليقاتك!