غزوة بدر الآخرة الثانية (بدر الصغرى) 🔥
بعد عامٍ واحدٍ فقط من الصدمة الكبرى التي تلقّتها قريش في غزوة بدر الكبرى، كانت مكة ما تزال تغلي بالعار، تبحث عن ثأرٍ يردّ كرامتها، بينما كانت المدينة المنوّرة تنبض بالثقة بعد أول نصرٍ عظيم في تاريخ الإسلام. وفي خضم هذه الأجواء المشحونة، بدأ فصلٌ جديد من الصراع بين الحق والباطل، عنوانه: غزوة بدر الآخرة الثانية — المعركة التي لم تُرفع فيها السيوف، لكنها كانت انتصارًا يفوق القتال ذاته.
في ربيعٍ تملؤه رياح الحرب، وصل إلى المدينة خبرٌ مثير: أبو سفيان بن حرب يُعلن على الملأ أنه سيخرج إلى بدر في العام القادم للثأر من المسلمين، متحديًا النبي ﷺ أن يلقاه هناك. لم يكن التحدي مجرد كلمات، بل اختبارًا حقيقيًا لثبات الإيمان أمام تهديدٍ من أكبر قوةٍ تجاريةٍ وعسكريةٍ في الجزيرة آنذاك.
حينها أمر النبي ﷺ بالاستعداد، فاجتمع حوله أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعبد الله بن رواحة، وكلّهم يتوقون إلى تكرار مجد بدر الأولى. خرج الجيش المسلم نحو بدر في شعبان من السنة الرابعة للهجرة (فبراير 626م)، ليُعيد مشهدًا مهيبًا من الثقة والإصرار، حيث تلتقي الإرادة بالإيمان، في مواجهةٍ رمزيةٍ بين الصبر والغرور.
كانت غزوة بدر الآخرة مواجهةً من نوعٍ مختلف، لا تُقاس بعدد القتلى أو الغنائم، بل بمقدار الثبات على الوعد، والعزم على نصرة الدين، حتى وإن لم تُسفك فيها قطرة دم واحدة. لقد كانت المعركة التي لم تقع… لكنها غيّرت معادلة الصراع إلى الأبد.
![]() |
| مشهد فني يجسد انطلاق جيش المسلمين إلى غزوة بدر الآخرة (الصغرى) في شعبان سنة 4 هـ دون قتال مباشر. |
🕋 غزوة بدر الآخرة الثانية: الموعد الذي تحدّى فيه أبو سفيان النبي ﷺ في بدر الصغرى
⚡ البداية بعد بدر الكبرى.. غليان مكة وثبات المدينة
لم تكن مكة تنسى ما حدث في غزوة بدر الكبرى؛ فقد سقط فيها كبار قادتها، وتحوّل نصر المسلمين إلى حديث الجزيرة كلها. بينما كانت المدينة المنوّرة تعيش نشوة الانتصار، كانت قريش تتقلب بين الخزي والرغبة في الثأر. وفي أحد مجالس مكة المزدحمة، وقف أبو سفيان بن حرب بنظراتٍ يملؤها الكبرياء الجريح، وصاح متحديًا أمام قريش كلها:
"موعدنا بدر في العام القادم يا محمد، لتعلم من الغالب حقًا!"
وصل التحدي إلى المدينة، فابتسم النبي ﷺ وقال بثقة القائد المؤمن:
"نحن على الموعد إن شاء الله."
كانت تلك الكلمات الشرارة التي أشعلت بداية غزوة بدر الآخرة — أو كما سماها المسلمون بدر الثانية وبدر الصغرى — الغزوة التي ستُظهر أن النصر لا يكون بالسيف فقط، بل بالصبر والوفاء بالعهد.
🕰️ التحرك إلى بدر في السنة الرابعة للهجرة
في شعبان من السنة الرابعة للهجرة (فبراير 626م) أمر النبي ﷺ المسلمين بالاستعداد للخروج. لم يكن الهدف القتال بقدر ما كان تأكيد القوة والهيبة أمام قريش التي ظنّت أن المسلمين سيخافون من اللقاء.
خرج الجيش النبوي بهيبةٍ وهدوء، يتقدمه الصحابة الأبطال: أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، علي بن أبي طالب، الزبير بن العوام، وعبد الله بن رواحة.
كانت الرمال تمتد أمامهم حتى أرض بدر، والريح تداعب الرايات الإسلامية تحت شمسٍ تميل إلى الغروب، لتعلن بداية فصلٍ جديدٍ من المواجهة بين الإيمان والكبرياء.
كانت غزوة بدر الآخرة رسالةً من السماء: أن من وعد الله بالنصر لا يخشى التحدي، وأن الهيبة الحقيقية لا تُصنع في المعارك وحدها، بل في الصبر والثبات والوفاء بالعهود.
⚔️ الأسباب الحقيقية لغزوة بدر الثانية وكيف دعا أبو سفيان قريش للثأر في بدر الصغرى
🔥 قريش بين جراح الهزيمة ورغبة الانتقام
بعد غزوة بدر الكبرى، كانت قريش تعيش أسوأ فصولها النفسية. فقدت قادتها، واهتزت مكانتها أمام العرب، حتى أصبحت القبائل تتناقل الخبر وكأنه أسطورة: “قريش تُهزم لأول مرة!”
جلس أبو سفيان بن حرب في مجلسٍ حافلٍ من وجهاء مكة، والغضب يتطاير من عينيه. كان الكبرياء القُرشي لا يحتمل الهزيمة، فقال متحديًا:
“موعدنا بدر في العام القادم! والله لنستعيدنّ كرامتنا أو نهلك دونها.”
كانت تلك الدعوة بمثابة تحدٍ علنيّ للنبي ﷺ، ورسالة للعرب بأن قريش لم تمت بعد. انتشر الخبر في الجزيرة كلها، وتحولت بدر الثانية إلى وعدٍ مفتوحٍ بالثأر.
لكن خلف هذا الحماس الظاهري، كانت قريش تموت خوفًا من تكرار ما حدث في بدر الكبرى. لم تكن تملك القوة الكافية للقتال، فقررت أن تخرج في جيشٍ محدود العدد، فقط لتحفظ ماء وجهها أمام القبائل، دون نية حقيقية للمواجهة.
🕋 استجابة النبي ﷺ وتعبئة المسلمين للخروج
أما في المدينة المنوّرة، فلم يكن النبي ﷺ ليسمح بتراجعٍ عن وعدٍ قطعه على نفسه أمام العدو. دعا المسلمين إلى الخروج، وقال في خطبته:
“إنما الوفاء بالعهد من شيم المؤمنين، وإن أعداء الله قد وعدونا الموعد، فنحن له إن شاء الله.”
اجتمع حوله كبار الصحابة، وامتلأت القلوب بالعزم. لم يكن الهدف حربًا أو دمًا، بل إظهار الثبات والالتزام بالعهد.
بدأ المسلمون تجهيز القافلة، وأُعلنت ساعة الرحيل نحو بدر، المكان الذي أصبح رمزًا للكرامة الإسلامية.
وفي لحظةٍ مهيبةٍ، خرج الجيش النبوي بقيادة النبي ﷺ، يحمل رايات النصر القديمة نفسها التي رفرفت قبل عام، لكن هذه المرة كانت المعركة على مستوى الإرادة لا السيوف.
كانت غزوة بدر الآخرة درسًا خالدًا في أن النصر الحقيقي يبدأ من داخل القلب، وأن الثبات على المبدأ هو أعظم انتصار يمكن أن يسجله التاريخ.
👥 عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر الثانية وأسماء الصحابة المشاركين في بدر الآخرة
⚔️ جيش المسلمين واستعدادهم بروح بدر الكبرى
حين أعلن النبي ﷺ الرحيل نحو بدر الآخرة، اجتمع المسلمون في المسجد النبوي، يتهيأون كما لو أنهم ذاهبون إلى معركة مصيرية. لكن هذه المرة، لم يكن الحماس اندفاعًا، بل هدوءًا مؤمنًا بالوعد.
خرج النبي ﷺ ومعه ما يقارب ألفًا وخمسمئة مقاتل من خيرة رجال المدينة، معظمهم من الذين شهدوا بدر الكبرى.
كان من بين القادة أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعبد الله بن رواحة، وسعد بن معاذ رضي الله عنهم.
حمل كلٌّ منهم سلاحه القديم نفسه، كأنما أرادوا أن يعيدوا ذكرى النصر الأول في أرض بدر، حين كان النصر بيد الله وحده.
كان الصحابة يسيرون بخطى ثابتة على الرمال التي تعرف أسماءهم، والهواء يحمل همسات التكبير في سكون الليل، حتى بدا المشهد كأنه موكب من نور يسير فوق التاريخ.
🏕️ معسكر قريش القليل وعدد المشركين الضعيف
أما في مكة، فقد حاول أبو سفيان أن يفي بوعده، لكنه كان يدرك أن رجاله ليسوا مستعدين لحربٍ حقيقية. جمع ما لا يزيد عن ألفي رجلٍ، لكن معظمهم لم يكن راغبًا في القتال، بل أرادوا فقط أن يظهروا أمام القبائل أنهم "خرجوا" كما وعدوا.
سار جيش قريش حتى بلغ بعض الطريق، ثم دبّ فيهم الخوف. اشتد الحرّ ونفدت المؤن، فقال أبو سفيان محاولًا حفظ ماء الوجه:
"إن العام عامُ قحطٍ وجدبٍ، فلا نصلح للحرب. نعود العام القادم!"
وبهذه الحيلة انسحب جيش قريش قبل أن يبلغ بدرًا، في حين واصل المسلمون سيرهم حتى وصلوا إلى المكان المحدد، فأوفوا بالعهد، وثبتوا على الوعد، دون أن يلقوا عدوًا واحدًا.
وبينما كانت الرياح تمرّ فوق أرض بدر، تذكّر الصحابة مشاهد المعركة الأولى، وكأن الرمال تهمس بأسماء الشهداء الذين سقطوا هنا قبل عام. لقد كانت غزوة بدر الثانية معركة الصبر والإيمان، حيث انتصر المسلمون دون قتال، لأن الثبات على المبدأ كان هو النصر بعينه.
![]() |
| مشهد سينمائي واقعي يُظهر أبا سفيان بن حرب على صهوة جواده يأمر جيش قريش المنسحب من صحراء بدر أثناء الغروب، والجنود خلفه بوجوهٍ مترددة. |
🏕️ قصة انتظار النبي ﷺ في بدر لمدة ثمانية أيام دون قتال وعودة قريش إلى مكة خائبة
🌅 الجيش الإسلامي في بدر ينتظر جيش قريش
وصل المسلمون إلى أرض بدر بعد مسيرةٍ طويلة، يملؤهم الإيمان والعزيمة. نصبوا خيامهم في المكان نفسه الذي شهد المعركة الكبرى قبل عام، وكأن التاريخ يعيد نفسه، لكن هذه المرة كان الصمت أبلغ من السيوف.
ثبت النبي ﷺ في موقعه ومعه الصحابة، وجعلوا الرايات تُرفرف فوق الرمال الذهبية، بينما النسيم يحمل رائحة النصر القديم.
لم تكن بدر بالنسبة إليهم مجرد ساحة حرب، بل رمزًا للعهد والوفاء. كانوا يدركون أن قريش قد لا تأتي، ومع ذلك أصرّوا على البقاء، ليُظهروا للعرب أن المسلمين لا يخافون اللقاء ولا ينقضون الميعاد.
ظلّ الجيش في بدر ثمانية أيام كاملة، يقيم الصلوات جماعة، يتدرّب، ويحرس أطراف المعسكر، حتى بدت الرمال وكأنها تشهد من جديد على عظمة الثبات في سبيل الله.
🏆 الانسحاب القُرشي وعودة النبي ﷺ منتصرًا بلا قتال
في الوقت نفسه، كان جيش قريش قد انسحب في منتصف الطريق بعد أن تذرّع أبو سفيان بالقحط والجدب. وعندما بلغ النبي ﷺ الخبر، لم يغضب، بل ابتسم وقال بثقة: “والله لقد نصرنا الله بهم دون قتال.”
فقد كان نصرًا نفسيًا وسياسيًا ومعنويًا، إذ ثبت المسلمون وانهزم المشركون دون أن يلتقوا.
أقام النبي ﷺ ثمانية أيام في بدر، يتعامل مع القبائل التجارية، ويبيع ويشتري، حتى تحولت الغزوة إلى موسمٍ اقتصاديٍ ناجح. عاد المسلمون بعدها إلى المدينة محمّلين بالبضائع، والعزة في قلوبهم أكبر من كل غنيمة.
دخل النبي ﷺ المدينة مرفوع الرأس، بعد أن أوفى بالعهد وحقق النصر المعنوي دون سفك دماء. ومن يومها، صار يُقال:
“خرج محمد ﷺ إلى بدر مرتين، فكانت الأولى نصرًا بالسيف، والثانية نصرًا بالهيبة.”
🕌 من الذي استخلفه الرسول ﷺ في المدينة أثناء غزوة بدر الثانية ولماذا؟
👥 عبد الله بن رواحة… الرجل الذي حمل أمانة المدينة
حين همَّ النبي ﷺ بالخروج إلى بدر الآخرة الثانية، لم ينسَ مسؤوليته تجاه المدينة المنوّرة التي أصبحت مركز الدولة الإسلامية، فاختار من بين الصحابة من يليق بحمل الأمانة في غيابه، وهو عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه.
كان ابن رواحة من الشعراء الفرسان، ومن أوائل الأنصار الذين بايعوا النبي ﷺ في العقبة، فكان صادق الإيمان، قوي الشخصية، شديد الوفاء.
قال له النبي ﷺ قبل رحيله: “كن على أهل المدينة، وأحسن النظر في أمورهم.”
تسلّم عبد الله بن رواحة المهمة بروحٍ من الطاعة والمسؤولية، فبقي في المدينة ينظم أمورها، يحرس حدودها، ويؤمّ الناس في الصلاة. كان وجوده طمأنينةً لأهل المدينة، إذ عرفوه ثابتًا لا يخشى إلا الله، وكانوا يقولون عنه: “ما خُلِّف فينا أحدٌ يشبه رسول الله في عدله ووقاره إلا ابن رواحة.”
🌙 حكمة النبي ﷺ في اختيار الرجل المناسب
لم يكن الاختيار عشوائيًا، بل جاء بدقّةٍ تعكس عبقرية القيادة النبوية. فعبد الله بن رواحة كان شاعرًا يستخدم الكلمة كسيف، وقائدًا يدير الأمور بحكمة.
ترك النبي ﷺ خلفه مدينةً محصّنة بالإيمان، لا تخشى غياب القائد، لأن روح القيادة كانت تسري في كل بيتٍ من بيوت الأنصار.
وبينما كان الجيش الإسلامي في بدر ينتظر المواجهة، كانت المدينة تعيش في طمأنينةٍ كاملة، بفضل حنكة هذا الرجل الذي حمل مسؤولية الأمة في غياب قائدها الأعظم ﷺ.
هكذا، كانت غزوة بدر الثانية درسًا آخر في فن القيادة والإدارة: أن الأمة القوية ليست تلك التي تقاتل فحسب، بل التي تُحسن تنظيم صفوفها حتى في غياب قائدها.
💡 الفرق بين غزوة بدر الكبرى وغزوة بدر الآخرة من حيث الأسباب والنتائج
⚔️ الفرق في الدوافع والأسباب بين بدر الكبرى وبدر الآخرة
لم تكن غزوة بدر الكبرى وغزوة بدر الآخرة الثانية (بدر الصغرى) متشابهتين إلا في المكان والاسم، لكن الظروف والأهداف كانت مختلفة تمامًا.
ففي بدر الكبرى، خرج المسلمون لاعتراض قافلة قريش التجارية العائدة من الشام، فتحولت المهمة إلى معركةٍ حقيقيةٍ فاجأت الجميع، وانتهت بنصرٍ مدوٍّ غيّر مجرى التاريخ الإسلامي.
أما في بدر الآخرة، فكانت الهدف سياسيًا ومعنويًا بالدرجة الأولى، إذ أراد النبي ﷺ أن يُثبت للمشركين والعرب جميعًا أن المسلمين لا يتراجعون عن وعدٍ ولا يهابون مواجهة، حتى لو كان العدو أقوى عددًا وعدةً.
كانت بدر الكبرى معركة الدم والسيوف، أما بدر الثانية فكانت معركة الصبر والعهد والهيبة، فثبت فيها المسلمون رغم غياب القتال، وانهزمت قريش بالانسحاب والخوف.
🏆 الفرق في النتائج والدروس المستفادة من الغزوتين
حققت بدر الكبرى نصرًا عسكريًا حاسمًا، قُتل فيه من قريش سبعون من صناديدها، وأُسر مثلهم، فاهتزت مكة من الداخل، وارتفعت مكانة الإسلام بين القبائل.
بينما كانت بدر الآخرة نصرًا من نوعٍ آخر؛ نصرًا نفسيًا وسياسيًا، إذ خرج المسلمون كما وعدوا، وثبتوا في الميدان، في حين نكصت قريش على أعقابها.
ومن أعظم دروس بدر الآخرة أن النصر لا يُقاس بعدد القتلى والغنائم، بل بثبات المبدأ وقوة الإيمان.
قال ابن القيم في زاد المعاد:
“كانت بدر الآخرة غزوةً بلا دماء، ولكن فيها من النصر ما لا تبلغه السيوف.”
وهكذا أثبت النبي ﷺ أن الحرب ليست فقط في السلاح، بل في العزيمة والإرادة، وأن القوة الحقيقية هي أن تملك قرارك، وتفي بوعدك، وتنتصر دون أن تخسر إنسانيتك.
🏆 نتائج غزوة بدر الآخرة والدروس والعبر المستفادة من ثبات النبي ﷺ والصحابة
🌟 نتائج غزوة بدر الثانية وانتصار الهيبة دون قتال
كانت غزوة بدر الآخرة الثانية نصرًا من نوعٍ مختلف، لم تُسفك فيه الدماء، ولم تُرفع فيه السيوف، ومع ذلك كانت نتيجته أعظم من ألف معركة. فقد عاد المسلمون إلى المدينة وقد حققوا ثلاث انتصارات دفعة واحدة:
- نصر سياسي: لأنهم أثبتوا وفاءهم بالعهد أمام القبائل العربية، بينما تراجعت قريش عن وعدها، ففقدت هيبتها ومصداقيتها.
- نصر نفسي: لأن المؤمنين شعروا بقوة الإيمان أكثر من قوة السلاح، فترسّخ في قلوبهم أن وعد الله حقٌّ، وأن النصر قد يأتي حتى دون قتال.
- نصر اقتصادي: لأن النبي ﷺ أقام ببدر ثمانية أيام يبيع ويشتري من القوافل المارة، فانتعش اقتصاد المسلمين وعادت القافلة محمّلة بالربح والغنائم التجارية.
لقد أثبتت هذه الغزوة أن الهيبة النبوية كانت أقوى من السيف، وأن مجرد خروج المسلمين للموعد دون تراجعٍ أو خوفٍ جعل العرب يعيدون حساباتهم تجاه قوة الإسلام الصاعدة.
💡 الدروس والعبر الخالدة من غزوة بدر الآخرة
- الوفاء بالعهد قوةٌ في ذاته: فالنبي ﷺ خرج لأن الموعد وُعد، ولو لم يفِ، لقال الناس إن محمدًا نكص عن وعده.
- الثبات على المبدأ سبيل النصر: لم يكن القتال ضروريًا لتنتصر الرسالة، بل الصبر والإيمان كفيلان بتحقيق الغلبة.
- القائد الحقيقي من يزرع الثقة لا الخوف: فالنبي ﷺ جعل كل صحابي يشعر أنه مسؤول عن الأمة، ولذلك ساروا معه بلا تردد.
- السياسة النبوية في إدارة الصراع: حين اختار النبي ﷺ البقاء في بدر ثمانية أيام، أرسل للعرب رسالةً أن المسلمين لا ينتظرون النصر بل يصنعونه.
- الإيمان أعظم سلاح: لأن قلوب الصحابة كانت أقوى من جيوش قريش، فانتصروا بثباتهم لا بعددهم.
وبهذا، كانت غزوة بدر الآخرة واحدة من أرقى صور القيادة النبوية الذكية التي علمت البشرية أن النصر لا يكون دائمًا بالدماء، بل بالعقل والإيمان والوفاء بالعهد.
❓ الأسئلة الشائعة حول غزوة بدر الآخرة الثانية (بدر الصغرى)
🕰️ متى وقعت غزوة بدر الآخرة؟
وقعت غزوة بدر الآخرة في شعبان من السنة الرابعة للهجرة، الموافق فبراير سنة 626 ميلاديًا، بعد عامٍ كامل من غزوة بدر الكبرى. خرج النبي ﷺ إليها وفاءً بالعهد الذي تحدّى به أبو سفيان المسلمين، لكنها انتهت بانتصارٍ معنوي دون قتال.
⚔️ ما هو الفرق بين غزوة بدر الكبرى وغزوة بدر الآخرة؟
في بدر الكبرى كان القتال حقيقيًا وانتهى بانتصار المسلمين وهزيمة قريش، أما بدر الآخرة (الصغرى) فكانت مواجهة رمزية لإظهار الثبات والهيبة، إذ لم يقع فيها قتال بعد انسحاب قريش خوفًا من تكرار الهزيمة.
👥 كم كان عدد المسلمين في غزوة بدر الثانية؟
خرج مع النبي ﷺ نحو 1500 من الصحابة، بينهم كبار القادة كـ أبو بكر، عمر، علي، الزبير، وسعد بن معاذ رضي الله عنهم، في حين لم يتجاوز عدد قريش ألفي رجل أغلبهم غير راغبين في القتال.
🕌 من الذي استخلفه الرسول ﷺ في المدينة أثناء غزوة بدر الثانية؟
استخلف النبي ﷺ عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه، لما عُرف عنه من حكمة وعدل وشجاعة. كان مثالًا في الانضباط والإيمان، فأدار شؤون المدينة بكل طمأنينة حتى عودة الجيش.
💬 لماذا انسحب أبو سفيان من بدر الآخرة ولم يواجه المسلمين؟
تحجّج أبو سفيان بالقحط والجدب، مدعيًا أن العام لا يصلح للحرب، لكن السبب الحقيقي كان الخوف من مواجهة النبي ﷺ بعد تجربة بدر الأولى المدمّرة.
🌟 ما هي الدروس المستفادة من غزوة بدر الآخرة الثانية؟
- الوفاء بالعهد من صفات المؤمنين.
- النصر لا يكون بالسيف فقط بل بالصبر والثقة بالله.
- القيادة النبوية جمعت بين الحكمة والسياسة.
- الهيبة قد تُحقق ما لا تُحققه المعارك.
- ثبات الصحابة دليل على صدق الإيمان واليقين في النصر.
🏁 الخاتمة: غزوة بدر الآخرة… حين انتصر الصبر على السيوف
كانت غزوة بدر الآخرة الثانية علامةً مضيئة في سجل السيرة النبوية، تثبت أن النصر ليس دائمًا في ساحات القتال، بل في الثبات على المبدأ، والوفاء بالعهد، والصبر على البلاء.
خرج المسلمون إلى بدر الثانية كما وعدوا، رغم قلة الزاد وشدة الحر، فقط لأن قائدهم ﷺ علّمهم أن العظمة ليست في كثرة السيوف، بل في صدق النية والإيمان.
عاد الجيش دون دماء ولا غنائم، لكنهم عادوا بانتصارٍ روحيٍّ أعاد للإسلام هيبته، وجعل قريش تعيد حساباتها من جديد.
وبينما عاد أبو سفيان إلى مكة منكسرًا، دخل النبي ﷺ المدينة مرفوع الرأس، تحيط به قلوب مؤمنة ترى في كل خطوةٍ من خطواته نصرًا جديدًا.
لقد كانت بدر الآخرة رسالةً خالدة لكل الأجيال: أن القوة الحقيقية ليست في الحرب، بل في القدرة على الصبر والتماسك، وأن من صدق مع الله نال النصر حتى دون أن يضرب بسيف.
💬 أسئلة تفاعلية للقارئ الكريم
- ما أكثر مشهد أثّر فيك من قصة غزوة بدر الآخرة الثانية؟
- برأيك، أيهما أعظم: النصر في بدر الكبرى بالسيف أم في بدر الآخرة بالصبر؟
- لو كنت أحد الصحابة في ذلك الزمان، كيف كنت ستشعر وأنت تنتظر العدو ثمانية أيام بلا قتال؟
شارك رأيك في التعليقات 👇 فأفكارك تهمّنا وتُثري الحوار.
🔗 للاطلاع على الدليل الشامل لغزوات النبي ﷺ بالترتيب الزمني، راجع هذا المقال المرجعي.
📚 المصادر والمراجع التاريخية لغزوة بدر الآخرة الثانية
| المصدر | المؤلف | الوصف |
|---|---|---|
| 📘 سيرة ابن هشام | عبد الملك بن هشام | يوثّق أحداث بدر الثانية بدقة مع تسلسلها الزمني والروابط بين الغزوتين. |
| 📗 الطبقات الكبرى | ابن سعد | يسرد أخبار خروج المسلمين لبدر الثانية وأسماء الصحابة المشاركين. |
| 📙 البداية والنهاية | ابن كثير | يعرض تحليلًا مفصلًا لانسحاب قريش ونتائج الغزوة المعنوية. |
| 📕 زاد المعاد في هدي خير العباد | ابن القيم الجوزية | يشرح الدروس والعبر القيادية من الغزوة بأسلوب تحليلي رائع. |
| 📖 القرآن الكريم – إشارات من سورة الأنفال | الله تعالى | تتضمن تذكيرًا بفضل الثبات والوفاء بالعهد والنصر بالهيبة. |
🕰️ ملاحظة تاريخية
وقعت غزوة بدر الآخرة في شعبان من السنة الرابعة للهجرة (فبراير 626م)، وسُمّيت أيضًا بـ بدر الصغرى وبدر الثانية، لأنها كانت الموعد الذي ضربه أبو سفيان بن حرب بعد بدر الكبرى للثأر من المسلمين، لكنه انسحب قبل المواجهة.
استمرّ مقام النبي ﷺ في بدر ثمانية أيام، ثم عاد إلى المدينة منتصرًا بلا دماء، لتُصبح الغزوة رمزًا خالدًا للوفاء والصبر والعظمة النبوية في القيادة.
🕋إقرأ أيضاً عن غزوات الرسول ﷺ:
- غزوة الأبواء (ودّان)
- غزوة بُواط
- غزوة سفوان
- غزوة العُشيرة
- غزوة بدر الكبرى
- غزوة بني سليم
- غزوة بني قينقاع
- غزوة السويق
- غزوة ذي أَمَر (غطفان)
- غزوة بَحران
- غزوة أحد
- غزوة حمراء الأسد
- غزوة بني النضير
- غزوة ذات الرقاع
- غزوة بدر الآخرة (بدر الموعد)
- غزوة دومة الجندل
- غزوة بني المصطلق (المريسيع)
- غزوة الخندق
- غزوة بني قريظة
- غزوة بني لحيان
- غزوة ذي قَرَد (الغابة)
- غزوة خيبر
- غزوة وادي القُرى
- غزوة مؤتة
- فتح مكة
- غزوة حنين
- غزوة الطائف
- غزوة تبوك


شكرًا لزيارتك مدونتي!
أحب أن أسمع أفكارك وآراءك حول ما تقرأه هنا. يرجى ترك تعليقك أدناه وإخباري برأيك في المقالة. تعليقاتك ذات قيمة بالنسبة لي وتساعد في تحسين المحتوى الذي أقدمه.
ملاحظة:
يرجى تجنب استخدام اللغة الغير اللائقة.
سيتم إزالة التعليقات التي تحتوي على روابط غير مرغوب فيها أو لغة مسيئة.
شكرًا لوقتك وأتطلع لقراءة تعليقاتك!