📁 آخر الأخبار

حمزة بن عبد المطلب: أسد الله وسيد الشهداء وقصة استشهاده في غزوة أُحد

🔥أسد الله الذي أرعب الجاهلية وخلّد اسمه في التاريخ

كانت مكة تشتعل حميةً وكبرياء، والقبائل تموج بأصواتها بين صدى الجبال، حتى إذا ارتفعت راية الإسلام، بدأ الصراع بين النور والظلام. وبين تلك اللحظة التي خُلق فيها المجد من رحم الإيمان، ظهر رجل واحد جعل من شجاعته أسطورة لا تُنسى. إنه حمزة بن عبد المطلب، عمّ النبي ﷺ، وأخوه في الرضاعة، وفارس قريش الذي انقلب من سيفٍ للجاهلية إلى أسدٍ لله ورسوله.

لم يكن حمزة رجلًا عاديًا؛ فقد جمع بين قوة البنية وعظمة الروح، وبين شراسة المحارب وحنان القريب. كان ذا هيبةٍ تمشي أمامه حيث سار، حتى إذا دخل الإسلام، تحوّلت تلك الهيبة إلى قوة في سبيل الله لا تُقهر. من لحظة إسلامه وهو يضرب أبا جهل في قلب مكة، إلى بطولته يوم بدر، حتى سقط شهيدًا في أُحد، ظلّ اسمه مرادفًا للشجاعة والإخلاص.

هكذا تبدأ قصة حمزة بن عبد المطلب أسد الله وسيد الشهداء، القصة التي لا تنتهي، لأنها ليست عن رجلٍ قاتل فقط، بل عن قلبٍ عرف طريق الحق ورفض أن يلتفت إلى الوراء.
في هذا المقال سنروي سيرته كما لم تُروَ من قبل — نسبه، صفاته، بطولاته، واستشهاده — في ملحمةٍ تخلّد معنى البطولة والإيمان.

مشهد واقعي سينمائي لحمزة بن عبد المطلب يرتدي درعًا حديديًا ويلف على صدره ريشة نعام، يرفع سيفه عاليًا ويقود المسلمين وسط غبار المعركة تحت ضوء الغروب الذهبي.
لحظة أسطورية تُجسّد شجاعة حمزة بن عبد المطلب في بدر، حين تقدّم الصفوف ثابتًا لا يهاب الموت.

📜 نسب حمزة بن عبد المطلب وقرابته من الرسول ﷺ

نسب حمزة بن عبد المطلب:

هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، من سادة قريش وأشرف بيوتها نسبًا. نشأ في بيت العزّ والقيادة، وكان ابنًا لعبد المطلب سيد مكة وجدّ النبي ﷺ. وقد ورث عن أبيه القوة والحكمة والهيبة، فكان أهل مكة يهابونه احترامًا لا خوفًا. اشتهر بين قومه بالفروسية والكرم وحسن الخلق، حتى قيل عنه قبل الإسلام: “لا يُذكر مجلسٌ من مجالس قريش إلا وكان حمزة من أركانه.”

قرابته من النبي ﷺ وأخوّته في الرضاعة:

كان حمزة عمَّ النبي ﷺ وأخاه في الرضاعة، إذ أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب. وهذا جعل العلاقة بينهما تتجاوز حدود القرابة الدموية إلى رابطةٍ عاطفية روحية عميقة. كان يرى في محمد ﷺ ليس فقط ابن أخيه، بل أخاه الذي تربّى معه، فيخاطبه بحبٍّ وهيبة، ويذود عنه كما يذود الأسد عن عرينه. وقد ذكر العباس بن عبد المطلب — شقيق حمزة — أن حمزة كان أكثر إخوتهم حنانًا على رسول الله ﷺ منذ صغره.

مكانته في قريش قبل الإسلام:

قبل بعثة النبي ﷺ كان حمزة من أعظم فرسان قريش، يقود رحلات الصيد، ويُعرف بإصابته الدقيقة في الرمي وسرعته في القتال. كانت له مهابة تجعل حتى كبار قريش مثل أبي سفيان بن حرب يجلّونه ويحسبون له ألف حساب. ولم يكن أحد يتوقع أن هذا الأسد الجاهلي سيصبح قريبًا أسدًا لله ولرسوله.


🦁 صفات حمزة بن عبد المطلب وألقابه التي خلدها التاريخ

صفات حمزة بن عبد المطلب:

كان حمزة بن عبد المطلب من أجمل رجال قريش وأقواهم بنيةً، عريض المنكبين، طويل القامة، جهوري الصوت، سريع الغضب للحق، كريم النفس، حليم في المواقف العادية، شديد في ساحات الحرب. كان يملك ذلك التوازن بين القوة والرحمة، وبين الهيبة واللين، حتى قال عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ما رأيت بعد رسول الله ﷺ أهيب من حمزة في قتال.”

ألقاب حمزة بن عبد المطلب:

أشهر ألقابه “أسد الله وأسد رسوله”، وهو لقب ناله بعد بطولته في غزوة بدر حين دوّى اسمه في ميادين القتال. كما لُقّب بـ “سيد الشهداء” بعد استشهاده في غزوة أُحد. وكان النبي ﷺ يحبه حبًا خاصًا ويقول عنه: “حمزة أسد الله وأسد رسوله.” وقد خُلّد هذا اللقب في كتب السيرة حتى صار علامة على الفروسية والولاء.

مكانته في قلوب المسلمين:
كان لحمزة حضور طاغٍ بين الصحابة، فإذا تقدّم في صفوف القتال علت صيحات التكبير من حوله، وكأن القلوب تستمد منه الشجاعة. شهد معه علي بن أبي طالب مواقف عظيمة في بدر، وكان يقول عنه: “حمزة هو الأسد الذي لا يفرّ.” هكذا بقيت صفاته نسيجًا من القوة والإيمان، ترويها الأجيال على مرّ العصور.


⚔️ قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب وضربه لأبي جهل

بداية التحول:

كانت مكة في تلك الأيام تغلي غضبًا من دعوة النبي ﷺ، وألسنة الكفر تهاجمه في كل طريق. وفي يومٍ عاد النبي ﷺ من الكعبة بعد أن ناله الأذى من أبي جهل، فرآه أحد موالي عبد الله بن جدعان فهرول إلى حمزة بن عبد المطلب، وكان حينها عائدًا من رحلة صيد يحمل قوسه على كتفه، فقال له:

“يا أبا عمارة، هل علمت ما صنع أبو جهل بابن أخيك؟ آذاه وشتمه عند الكعبة، فلم يردّ عليه أحد!”

عندها اشتعلت النار في قلب حمزة، فغضبه لم يكن يعرف التردد. مضى إلى الكعبة بخطواتٍ سريعة، حتى وقف أمام أبي جهل وهو في مجلس قريش، فضربه بالقوس على رأسه ضربةً شجّت جلده وقال بصوتٍ أرعد المكان:

“أتشتم محمدًا وأنا على دينه؟! أتشتمه وأنا أقول ما يقول؟!”

اللحظة الفاصلة:

كانت تلك الضربة هي اللحظة التي غيّرت تاريخ الإسلام؛ فقد أعلن حمزة إسلامه جهارًا أمام قريش كلها. ساد الصمت المجلس، ونظر القوم إليه مبهوتين، ثم قال أبو جهل — وهو الملطخ بدمه — محاولًا حفظ كبريائه:

“دعوا أبا عمارة، فوالله لقد سببتُ ابن أخيه سبًا قبيحًا.”

ومنذ تلك اللحظة، دخل الإسلام أسد مكة، فتحوّل إلى أسد الله الذي يزأر في وجه الظلم والباطل. وكان إسلام حمزة نقطة تحوّل استراتيجية في الدعوة، إذ شعر المسلمون بقوة جديدة تحميهم بعد أن كان الخوف يملأ قلوبهم.

موقف الصحابة من إسلامه:

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “كان إسلام حمزة عزًا للإسلام ما بعده عزّ.” فقد ارتفعت المعنويات، وصار المسلمون يجتمعون علنًا في دار الأرقم دون خشية من بطش قريش. وكان النبي ﷺ يفرح بإسلامه فرحًا لا يوصف، لأنه لم يكن فقط عمّه، بل درعه الواقية من قريش كلها.


🛡️ دور حمزة بن عبد المطلب في غزوة بدر وأعظم بطولاته

الاستعداد ليوم الفرقان:

حين نزل أمر القتال وأذن الله للمسلمين بمواجهة قريش، كان حمزة بن عبد المطلب من أوائل من لبّى النداء، فارتدى درعه وربط سيفه على كتفه، وقال للنبي ﷺ:

“والله يا رسول الله، لأرينّ الله ما أصنع اليوم.”

وفي يوم بدر، كان حمزة يقود الصفوف الأمامية من جيش المسلمين، ووراءه علي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث. كانت ملامحه تشع ثقة وثباتًا، وقد لفّ حول صدره ريشة نعام تميّزه في ساحة القتال. وكان كل من يراه يدرك أن هذا اليوم سيُكتب بدمائه النقية على صفحات التاريخ.

بطولاته في المعركة:

بدأت المبارزة الأولى بين ثلاثة من المسلمين وثلاثة من فرسان قريش — عتبة وشيبة والوليد بن عتبة — فخرج إليهم حمزة ومعه علي وعبيدة. فبارز حمزةُ شيبةَ بن ربيعة، فقتله بضربة واحدة قسمت درعه نصفين. واشتعلت نيران الحرب بعدها، وكان حمزة لا يترك مقاتلًا إلا صرعه. حتى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “ما رأيت في بدر أشجع من حمزة، كان يقاتل كأنه رجل بألف.”

إعجاب النبي ﷺ به:

بعد انتهاء المعركة ونصر المسلمين، كان النبي ﷺ ينظر إلى جثمان الشهداء بعين الفخر والرحمة، وقال عن حمزة:

“هو خير الشهداء عند الله.”

ثم دعا له بالرحمة، وابتسم وهو يقول:

“رحم الله أسد الله وأسد رسوله، نصر الدين وأذل الكافرين.”

فمن بدر بدأت أسطورته، وذُكر اسمه في السماء كما يُذكر في الأرض، إذ كان حمزة رمز القوة والإيمان، لا يهاب الموت بل يتقدمه كمن يراه نصرًا مبينًا.


🏹 بطولته في غزوة أُحد ومواجهته البطولية حتى الاستشهاد

أُحد… يوم الاختبار العظيم:

بعد عامٍ من انتصار بدر، خرجت قريش بكل حقدها لتثأر لهزيمتها، فكان يوم غزوة أُحد. حين نادى المنادي للجهاد، تقدّم حمزة بن عبد المطلب كعادته في مقدمة الصفوف، عاقدًا العزم على الدفاع عن رسول الله ﷺ حتى آخر رمق. كان يرتدي درعًا من الحديد، وعلى جبينه عصابة حمراء، يرفع سيفه عاليًا ويصيح:

“أنا أسد الله وأسد رسوله!”

كانت صيحته تلك كالرعد في ساحة المعركة، تزلزل قلوب المشركين وتشعل حماس المسلمين، حتى قال أنس بن النضر: “والله لقد رأيت حمزة يقاتل كأنه جيشٌ وحده.”

مشاهد البطولة:

اندفع حمزة في قلب المعركة، يضرب بسيفه يمينًا ويسارًا، لا يترك مقاتلًا من المشركين إلا أرداه صريعًا. قطع صفوف قريش، وأطاح بأبطالها واحدًا تلو الآخر، وكان سباع بن عبد العزى قد تحدّى المسلمين، فخرج له حمزة وقال:

“يا سباع، يا ابن أم أنمار، أتحب أن تقاتل الله ورسوله؟!”

ثم هوى عليه بضربة كسرت ترسه وشقّت رأسه نصفين، فعمّ التكبير في صفوف المسلمين. كان مشهدًا مهيبًا جعل مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص يرويان عنه بعد المعركة بإعجابٍ عظيم.

لحظة الاستشهاد:

وبينما المعركة في أشدها، كمن له وحشي بن حرب خلف صخرة، وكان عبدًا مملوكًا لهند بنت عتبة، التي وعدته بالحرية إن هو قتل حمزة. وما إن اقترب حمزة وهو يهاجم صفوف قريش، حتى رماه وحشي بحربته، فاخترقت خاصرته وسقط رضي الله عنه شهيدًا.
حينها عمّ الصمت في الميدان، وسرى خبر استشهاد أسد الله بين المسلمين كالصاعقة. هرع علي بن أبي طالب وأنس بن النضر نحو الجثمان، فوجدوه مضرّجًا بدمائه، وجهه مشرق بنور الرضا، وكأن الابتسامة لا تزال تعلو ملامحه.

مشهد واقعي مهيب لحمزة بن عبد المطلب يضع عصابة حمراء على جبينه ويرفع سيفه وسط غبار معركة أحد، والرايات الإسلامية خلفه.
لقطة بطولية تُبرز شجاعة حمزة بن عبد المطلب وهو يقاتل بثبات في أُحد، ممثلًا روح الإيمان والتضحية.

🩸 قصة حمزة وهند بنت عتبة والانتقام الذي هزّ قريش

بداية العداء بين حمزة وهند:

بعد مقتل عتبة بن ربيعة في غزوة بدر على يد حمزة، امتلأ قلب هند بنت عتبة بالحقد والانتقام. كانت ترى في مقتل أبيها وإخوتها وصمة عار لا تُمحى. ومنذ ذلك اليوم أقسمت أن تنتقم من حمزة بن عبد المطلب، وجعلت من ذلك وعدًا علنيًا في مجالس قريش. كانت تقول:

“لأبكينّ على قتلى بدر، ولأشربنّ من كبد حمزة ثأرًا لآبائي.”

دور وحشي في تنفيذ الانتقام:

حين خرجت قريش إلى غزوة أُحد، أرسلت هند عبدها وحشي بن حرب، وكان ماهرًا في الرمي بالحربة، فوعدته بالحرية إن قتل حمزة. وقف وحشي خلف الصخور يراقب الميدان، حتى رأى حمزة يتقدّم كالإعصار في صفوف المشركين. وما إن اقترب منه حتى رماه بحربته، فأصابته وسقط شهيدًا كما ذكرنا سابقًا.

التمثيل بجثمانه:

لكن هند لم تكتفِ بذلك. حين انتهت المعركة ودخلت أرض القتال تبحث عن جثمانه، اقتربت من جسده الطاهر، ومثّلت به تمثيلًا قاسيًا، فشقّت صدره واستخرجت كبده محاولة أن تأكلها، لكنها لم تستطع، فلفظتها من فمها. وكان النبي ﷺ حين رأى جثمان حمزة بكى بكاءً شديدًا وقال:

“لن أصاب بمثلك أبدًا، ما وقفت موقفًا أشدّ عليّ من هذا اليوم.”

توبة هند ووحشي بعد الإسلام:

وبعد سنوات، دخل الإسلام مكة بعد فتحها وفتحت قلوب المشركين للإيمان. جاءت هند بنت عتبة مسلمةً بين يدي النبي ﷺ، تبكي وتطلب المغفرة، فقبل إسلامها وقال لها:

“لا تثريب عليكِ اليوم.”

أما وحشي بن حرب، فقد أسلم بعد فتح مكة، ولما واجهه النبي ﷺ قال له بصوتٍ حزين:

“غِب عن وجهي، فإني لا أطيق رؤيتك بعد أن قتلت حمزة.”
فكان وحشي يقول بعد إسلامه: “قتلتُ خير الناس في الجاهلية، وقتلت شرّ الناس في الإسلام.”


⚖️ مكانة حمزة بن عبد المطلب عند الشيعة ونظرهم إليه كسيد الشهداء

حمزة في الذاكرة الإسلامية:

لم يختلف المسلمون في حبّ حمزة بن عبد المطلب ومكانته العظيمة، فقد أجمع الجميع — سنة وشيعة — على أنه أسد الله وأسد رسوله، وأول من لُقّب بـ سيد الشهداء. مكانته في الإسلام تتجاوز حدود الزمان والمذهب، لأنه كان من أوائل من روّوا أرض المعارك بدمائهم دفاعًا عن النبي ﷺ وعن دين الله.

نظرة الشيعة إليه:

يرى الشيعة أن حمزة كان من كبار المؤمنين الذين ثبتوا مع النبي ﷺ في أصعب المواقف، ويضعونه في مرتبة قريبة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الشجاعة والإقدام. بل ورد في بعض رواياتهم أنه من “سادة الشهداء في الجنة”، إلى جانب جعفر الطيار والحسين بن علي

ويؤكد علماء الشيعة أن محبة حمزة واجبة على كل مسلم، لأنه كان أوّل من نصر النبي ﷺ بالسيف بعد أن نصره بالكلمة والموقف.

أثره في الفكر الشيعي:

يُستشهد ببطولات حمزة كثيرًا في خطبهم ومجالسهم، كرمزٍ للثبات والتضحية في سبيل الحق، فهو المثال الذي سار على نهجه الشهداء من بعده، وخاصة الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه في كربلاء. وهكذا بقي حمزة بن عبد المطلب رمزًا للوحدة بين المسلمين، يجتمع الجميع على حبه وتعظيم سيرته.


👨‍👩‍👦 أبناء حمزة بن عبد المطلب وزوجته وأشقاؤه من بني هاشم

زوجة حمزة بن عبد المطلب:

تزوّج حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه من سَلْمى بنت عميس الخثعمية — أخت الصحابيتين الجليلتين أسماء بنت عميس ولبابة الكبرى بنت الحارث — وكانت من أوائل من أسلمن وهاجرن إلى المدينة. اشتهرت بالإيمان والصبر، وكانت تشارك زوجها حبّ الدعوة ونصرة رسول الله ﷺ، فكانت نعم الزوجة المؤمنة التي أكرمها الله بأن تكون رفيقة أسد الله وأسد رسوله.

أبناء حمزة بن عبد المطلب:

أنجب حمزة ولدًا واحدًا هو عمارة بن حمزة بن عبد المطلب، وكان ثمرة زواجٍ جمع بين النسب الشريف والإيمان الصادق. وبعد استشهاد والده في غزوة أُحد، ضمّه النبي ﷺ إلى بيته وربّاه بنفسه: نشأ عمارة في كنف بيت النبوّة، وتربّى بين الصحابة، فكان شاهدًا على مكانة والده التي لا يطويها الزمن.

أشقاؤه من بني هاشم:

كان حمزة من بيتٍ عريقٍ اجتمع فيه الشرف والنصرة، فهو شقيق كلٍّ من العباس بن عبد المطلب، وأبي طالب الذي كفل النبي ﷺ صغيرًا، وصفية بنت عبد المطلب أمّ الزبير بن العوام رضي الله عنهم. وقد مثّلت هذه الأسرة الهاشمية المباركة الركيزة الأولى للدعوة الإسلامية، فبين من حمى ومن نصر ومن قاتل، كان حمزة هو القلب النابض للشجاعة في بيت النبوّة.


📚 الدروس والعبر من سيرة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

درس الشجاعة والإيمان الصادق:

تُعلّمنا سيرة حمزة بن عبد المطلب أن الشجاعة الحقيقية لا تكون في القوة الجسدية وحدها، بل في الثبات على الحقّ حين يضعف الناس. فقد كان أسدًا في الجاهلية، لكنه لم يعرف العظمة الحقيقية إلا حين آمن بالله ورسوله ﷺ، فحوّل شجاعته من نصرة القبيلة إلى نصرة العقيدة.
لقد غيّر الإسلام قلبه، فصار يقاتل لا من أجل مجدٍ دنيوي، بل دفاعًا عن الرسالة التي آمن بها، وهذا هو الفارق بين بطلٍ خالدٍ في الأرض، ورجلٍ مخلّدٍ في السماء.

درس الوفاء والنصرة:

كان حمزة رمزًا للوفاء، لا يتأخر عن نصرة النبي ﷺ في أي موقف. حين أُوذي النبي في مكة، لم يتردد لحظة في الوقوف بجانبه، وضرب أبا جهل في قلب الكعبة. هذا الموقف التاريخي جعل من حمزة الدرع الأول للإسلام في بدايته. فكل من أراد أن يعرف معنى النصرة، فليتأمل هذا المشهد الذي صنع مجد الدعوة في لحظاتها الحرجة.

مشهد واقعي مؤثر لاستشهاد حمزة بن عبد المطلب في غزوة أُحد، يظهر جسد محارب مهيب راقدًا بسلام وسيفه بجانبه، وراية الإسلام ترفرف خلفه عند غروب الشمس.
مشهد ختامي مهيب يجسد لحظة استشهاد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، رمز الشجاعة والإيمان الذي خلد اسمه في التاريخ الإسلامي.

درس الثبات أمام الموت:

في غزوة أحد، حين اشتد القتال، لم يتراجع حمزة ولم يعرف الخوف طريقًا إليه. كان يعلم أن الموت في سبيل الله حياة، وأن الجنة لا تُنال إلا بالتضحية. فمات سيد الشهداء مبتسمًا، تاركًا للأجيال درسًا خالدًا أن الإيمان لا يُقاس بعدد المعارك، بل بثبات القلب في لحظة الامتحان.

حمزة قدوة لكل مؤمن:

يبقى حمزة نموذجًا خالدًا في تاريخ الأمة، يجسّد معنى القوة المخلصة والكرامة المؤمنة. فحين نقرأ سيرته اليوم، ندرك أن البطولة ليست سيفًا يُرفع فحسب، بل هي كلمة حقٍّ تُقال، وموقف يُتخذ دون تردد، وإيمانٌ لا يلين مهما تعاظم البلاء.


📌 الخاتمة: إرث حمزة بن عبد المطلب في قلوب المسلمين وأسئلة تفاعل القراء

إرث خالد لا يزول:
سيبقى حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه رمزًا خالدًا في ذاكرة الأمة، لا باعتباره محاربًا شجاعًا فقط، بل لأنه جمع بين القوة والإيمان، بين البطولة والإخلاص. لقد صاغ معنى الجهاد في سبيل الله بدمه الطاهر، وترك للأجيال دروسًا لا تُمحى في الثبات والصدق والتضحية.

في القلوب قبل الكتب:
ما زال المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يذكرون اسمه بخشوع، ويستحضرون مواقفه حين تُذكر الشجاعة. وإذا ذُكرت غزوة بدر أو أحد، فإن أول من يسطع اسمه في الذاكرة هو أسد الله وسيد الشهداء. فقد نال مكانةً عظيمة في قلوب المؤمنين، لا يطويها الزمان، ولا يقلل منها تغيّر العصور.

أسئلة القراء:

1️⃣ ما أكثر موقف في حياة حمزة بن عبد المطلب أثّر فيك وجعل اسمه خالدًا في قلبك؟
2️⃣ هل ترى أن الأمة اليوم بحاجة إلى شخصيات تحمل شجاعة وإيمان حمزة؟
3️⃣ لو كنت حاضرًا يوم أُحد، كيف كنت ستصف مشهد استشهاده؟

💬 شارك رأيك في التعليقات، وانشر المقال لتُحيي سيرة أسد الله بين من لا يعرف قصته كاملة.


❓ الأسئلة الشائعة حول حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (FAQ)


1️⃣ من هو حمزة بن عبد المطلب؟

هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، عمّ النبي محمد ﷺ وأخوه في الرضاعة، ومن أوائل من أسلم ودافع عن الإسلام بقوّة. لُقّب بـ أسد الله وأسد رسوله لشجاعته وبطولته في المعارك، وكان من أعظم فرسان قريش إقدامًا وكرمًا وهيبة.

2️⃣ لماذا لُقّب حمزة بأسد الله؟

لُقّب حمزة بهذا اللقب بعد بطولاته في غزوة بدر، حين قاتل بشجاعةٍ نادرة وأرهب المشركين بقوته وثباته، فمدحه النبي ﷺ وقال:

“حمزة أسد الله وأسد رسوله.”
ومنذ ذلك اليوم صار هذا اللقب علامةً خالدة على الشجاعة في سبيل الله.

3️⃣ كيف استشهد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه؟

استُشهد في غزوة أُحد حين كمن له وحشي بن حرب — غلام هند بنت عتبة — وراء صخرة، فرماه بحربةٍ اخترقت خاصرته فسقط شهيدًا. مثّل المشركون بجثمانه، لكن النبي ﷺ بكى عليه وقال:

“لن أصاب بمثلك أبدًا.”
فكان أول من لُقّب بـ سيد الشهداء في الإسلام.

4️⃣ ما هي قصة حمزة وهند بنت عتبة؟

كانت هند بنت عتبة قد أقسمت على الانتقام من حمزة بعد أن قتل أباها في بدر، فأوعزت إلى عبدها وحشي بقتله في أُحد مقابل حريته. وبعد إسلامها ندمت وبكت، وقال لها النبي ﷺ:

“لا تثريب عليكِ اليوم.”
فغفر الله لها وجعل التوبة تمحو الحقد.

5️⃣ كم كان عمر حمزة بن عبد المطلب حين استُشهد؟

كان عمره قرابة ثمانٍ وخمسين سنة وقت استشهاده في غزوة أُحد سنة 3 هـ. وقد عاش حياةً مليئة بالبطولة والنصرة والكرامة، فاستحق أن يُلقّب بـ سيد الشهداء.

6️⃣ من هم أبناء حمزة وزوجته؟

زوجته هي سلمى بنت عميس الخثعمية، وأخته الصحابيتان الجليلتان أسماء بنت عميس ولبابة الكبرى.
وله ابن واحد هو عمارة بن حمزة، ربّاه النبي ﷺ بعد استشهاد والده، وقال عنه:

“عمارة ابن أخي حمزة، أحبّه كما أحبّ حمزة.”


📚 المصادر والمراجع

المصدرالمؤلفالمجلد / الجزءملاحظات
سيرة ابن هشامعبد الملك بن هشامجـ2من أوائل المصادر التي وثّقت سيرة حمزة بن عبد المطلب بالتفصيل منذ الجاهلية حتى الاستشهاد.
الطبقات الكبرىمحمد بن سعدجـ3يذكر نسبه وزوجته وابنه عمارة، وروايات إسلامه ومقتله يوم أُحد.
الإصابة في تمييز الصحابةابن حجر العسقلانيجـ2مصدر موثوق في تحديد نسبه الصحيح وأحاديث النبي ﷺ عنه.
الاستيعاب في معرفة الأصحابابن عبد البرجـ1من أهم المراجع التي أوردت تفاصيل حياته وألقابه ومواقفه.
سير أعلام النبلاءشمس الدين الذهبيجـ1تناول سيرته بتقدير خاص ووصفه بأنه من أعظم أبطال الإسلام.
أسد الغابة في معرفة الصحابةابن الأثير الجزريجـ1جمع الروايات المتعلقة بجهاده واستشهاده في أحد.
البداية والنهايةابن كثير الدمشقيجـ4ذكر تفاصيل استشهاده وقصة هند بنت عتبة ووحشي بدقة تاريخية.

📖 تنويه تاريخي حول زوجات وأبناء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

من الأمانة العلمية توضيح ما ثبت تاريخيًا في كتب السيرة والأنساب الصحيحة حول حياة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، زوجاته وأبنائه، إذ اختلطت الروايات الضعيفة بالصحيحة في بعض المصادر الحديثة.

  1. الزوجة المؤكدة تاريخيًاهي سَلْمى بنت عميس الخثعمية، أخت أسماء بنت عميس ولبابة الكبرى بنت الحارث، وكانت من أوائل من أسلمن وهاجرن إلى المدينة المنورة. لم يثبت له غيرها زوجة بإسناد صحيح.
  2. الابن الوحيد الثابت: هو عمارة بن حمزة بن عبد المطلب، ربّاه النبي ﷺ بعد استشهاد أبيه في أُحد، ولم يُعرف له أولاد آخرون أو نسل باقٍ بعده.
  3. ما عدا ذلك من أسماء وأبناء مذكورة في بعض الروايات الشعبية أو كتب المتأخرين لا يصح سندها، ولم تُذكر في المراجع الكبرى مثل الإصابة والاستيعاب والطبقات الكبرى.

وبذلك يُجمع المؤرخون على أن حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه كانت له زوجة واحدة وابن واحد فقط، ولم يُعرف له نسل بعد ذلك.


إقرأ أيضاً عن الصحابة الكرام:

عصور ذهبية
عصور ذهبية
تعليقات