📁 آخر الأخبار

قصة أبو دجانة الأنصاري: صاحب العصابة الحمراء وسيف الرسول ﷺ في غزوة أُحد

 كانت صيحات التكبير تتردّد بين سفوح أُحد، والغبار يتصاعد تحت وقع أقدام الفرسان، فيما تصطف كتائب الإيمان في مواجهة جموع الشرك. وسط هذا المشهد المهيب ظهر فارس بطل، يشق الصفوف بثبات لا يعرف التراجع، ويلف جبينه بعصابة حمراء لا يضعها إلا حين يعاهد نفسه على القتال حتى آخر رمق. ذلك هو أبو دجانة الأنصاري، الفارس الذي حمل سيف رسول الله ﷺ في لحظة فاصلة من تاريخ الإسلام، فكان اسمه عنوانًا للشجاعة، وروحه مدرسة في الإقدام والثبات.

لم يكن أبو دجانة مجرد مقاتل عابر في سجلّ السيرة، بل كان مشهدًا متحرّكًا من البطولة؛ فارسًا إذا تقدّم هاب الأعداء بأسه، وإذا حمل السيف لم يلتفت خلفه، مؤمنًا بأن النصر هبةٌ للصابرين، وأن الجنة ثمنها الأرواح الخالصة. فمن هو أبو دجانة؟ وكيف بدأ حكايته قبل الإسلام؟ وما سرّ تلك العصابة الحمراء التي ارتبطت باسمه؟ هذا ما سنكتشفه سويًّا في السطور القادمة.

أبو دجانة الأنصاري يربط العصابة الحمراء على جبينه قبل القتال في غزوة أحد رمزًا للشجاعة والثبات
مشهد سينمائي يُجسّد لحظة شدِّ أبي دجانة للعصابة الحمراء قبل اندلاع غزوة أُحد؛ العصابة التي اشتهرت كرمز للشجاعة والعهد على القتال حتى آخر نفس دفاعًا عن رسول الله ﷺ ودين الإسلام.

📌 اسم أبو دجانة ونَسَبه وقصته قبل الإسلام

قصة أبو دجانة قبل الإسلام:

كان اسمه سِماك بن خرشة الأنصاري، من بني ساعدة من الخزرج، ومن أهل المدينة الذين اشتهروا بالشدة والبأس قبل الإسلام. تربّى وسط بيئة تُعظّم الشجاعة والنجدة، فشبّ على قلب لا يعرف التردد، وذراع لا ترتعش في مواضع الخطر. وفي زمنٍ كانت القبائل تتفاخر بقوة فرسانها، كان سماك واحدًا من أولئك الذين تُذكر أسماؤهم عند احتدام القتال.

نسب أبو دجانة الحقيقي:

انتماؤه للخزرج جعل له مكانة معتبرة بين قومه، خاصة وأن المدينة — قبل الإسلام — كانت تعيش توترًا دائمًا بين الأوس والخزرج. وفي خضم هذه الصراعات برزت شخصيات قوية مثل حمزة بن عبد المطلب في مكة، وفرسان من الخزرج في المدينة، وكان سماك من بينهم، ينتظر زمنًا تظهر فيه راية تستحق أن تُرفع، وقضية تستحق أن يُبذل فيها الدم.

دخول  أبو دجانة إلى الإسلام:

وحين جاء الإسلام إلى المدينة واستبشر الناس بقدوم النبي ﷺ، لم يتردد سماك بن خرشة في اتباع الحق. أسلم بقلبٍ مطمئن، فبدّل الله شدته إلى ثبات، وحميّته إلى بطولة في سبيل الله. ومنذ تلك اللحظة صار أبو دجانة الأنصاري واحدًا من ألسنة النار التي تحرس العقيدة، ومن أعمدة القوة في صفوف المسلمين، ينتظر اليوم الذي يضع فيه سيفه في الموضع الذي يرضاه الله ورسوله.


⚔️ سبب تسمية أبي دجانة بهذا الاسم ولماذا اشتهر بالعصابة الحمراء

أصل تسمية أبي دجانة:

لُقّب أبو دجانة الأنصاري بهذا الاسم لأنه كان صاحب عصابة حمراء يشدها فوق جبينه يوم القتال، وكان لا يضعها إلا إذا عزم على القتال حتى آخر لحظة. يقول الرواة: “كانت تلك العصابة علامة الموت، فإذا رآها الناس علموا أن أبا دجانة قد نذر نفسه لله.” فارتبط الاسم بالفعل بالمهابة والإقدام، وصار كل من يشاهد العصابة الحمراء يدرك أن الفارس الذي يرتديها ليس كبقية الرجال.

سبب شهرة لقب أبي دجانة:
لم يكن الاسم مجرد لقب، بل صار هوية قتالية لا تُفارق سيرته، خاصة بعد المعارك العظيمة التي خاضها، وفي مقدمتها غزوة أُحد. وفي هذا اليوم بالذات لمع بجواره الصحابي الجليل مصعب بن عمير — حامل لواء المسلمين — الذي شهد شجاعة أبي دجانة عن قرب، ورأى كيف يتقدم بثبات كأنه جبل يمشي بين الصفوف.

رمزية العصابة الحمراء في القتال:
كانت العصابة بالنسبة لأبي دجانة إعلانًا صريحًا أنه لا عودة للوراء. فإذا عقدها على جبينه تغيّر المشهد النفسي في الميدان؛ تضعف عزيمة الأعداء وتقوى قلوب المؤمنين. وقد ارتبط سبب تسمية أبي دجانة بالعصابة أكثر من اسمه الشخصي، حتى أصبحت عنوانًا لكل ما عُرف عنه من بأس وجرأة وتضحية.


🛡️ بطولة أبي دجانة في معركة أحد ودوره في قلب الموازين

قصة أبو دجانة في غزوة أحد:

في صباح يوم أُحد، حين اصطفّ المسلمون للقتال، تناول أبو دجانة الأنصاري سيف رسول الله ﷺ بعد أن تعهّد ألّا يضرب به إلا في سبيل الحق. كانت تلك اللحظة إعلانًا لميلاد مشهد بطولي سيبقى خالدًا في كتب السيرة. تقدم أبو دجانة بخطوات ثابتة بين الصفوف، والعصابة الحمراء تلف جبينه، كأنه يعلن للعالم أن روحه قد سبقت سيفه إلى الجنة.

موقف بطولي غيّر سير المعركة:

تقدّم أبو دجانة يخترق الصفوف بسيفه، حتى صار في عمق جيش المشركين، لا يلتفت، ولا يرتد، ولا يعرف للرهبة طريقًا. وفي تلك الساعات العصيبة كان الزبير بن العوّام — أحد الفرسان الأقوياء — يراقبه مبهورًا بثباته، وقد روى فيما بعد أنه لم يرَ رجلًا يمشي بين السيوف كأبي دجانة، وكأن الموت لا يستطيع الاقتراب منه. ثبت أبو دجانة حين اضطربت الصفوف، وظل يتقدّم حتى أصبح وجوده وحده كفيلًا بتغيير ميزان القوة في ساحة القتال.

مشهد خالد سجّله التاريخ:

وفي الوقت الذي بدأت فيه رماح المشركين تتكاثر، وقف أبو دجانة أمام النبي ﷺ بجسده، يتلقّى الضربات على ظهره وكتفيه ليمنع وصول الأذى إلى رسول الله ﷺ. كانت هذه اللحظة ذروة بطولة أبي دجانة في غزوة أحد، فقد تحوّل جسده إلى درع حيّ، وكتب بذلك موقفًا لا يُشترى بذهب الدنيا. ضربات تتوالى، وغبارٌ يرتفع، وعرقٌ يمتزج بالدم، لكنه لم يتحرك خطوة للوراء… حتى انتهى الموقف وسقطت معه أسطورة جديدة من أساطير الشجاعة الإسلامية الخالدة.
أبو دجانة الأنصاري يربط العصابة الحمراء ويحمل السيف في ساحة معركة أُحد استعدادًا للقتال
مشهد سينمائي يُبرز شجاعة أبي دجانة الأنصاري، صاحب العصابة الحمراء، وهو يستعد للقتال في غزوة أُحد بسيف الرسول ﷺ دفاعًا عن الإسلام.


🎀 قصة العصابة الحمراء لأبي دجانة ودلالتها في القتال

قصة العصابة الحمراء أبو دجانة:

لم تكن العصابة الحمراء أبو دجانة مجرد قطعة قماش يشدّها على جبينه؛ بل كانت عهدًا يقطعه مع نفسه أمام الله. كان إذا ربطها علم أصحابه أنه ألقى الدنيا وراء ظهره، وأنه يقاتل حتى الرمق الأخير. يوم أُحد، حين رأى الصحابة تلك العصابة ترتفع على رأس أبي دجانة، أدركوا أن الفارس دخل مرحلة “لا عودة”، وأن سيفه سيظل يعمل حتى يفنى أو ينتصر.

دلالة العصابة في المعارك:

كانت العصابة رمزًا للشجاعة والثبات. فحين التحم الصف، ورأى المسلمون ثبات أبي د جانة أمام كتائب المشركين، اشتعلت القلوب عزيمة. وقد روى سعد بن أبي وقاص — وهو أحد أمهر الرماة يوم أُحد — أنه كان يستمد الحماسة من مشهد أبي دجانة وهو يخترق الصفوف بعصابة لا تتحرك عن مكانها رغم الضربات. هكذا كانت العصابة رسالة صامتة: “الثبات حتى النهاية”.

تأثيرها في نفوس الأعداء:

يذكر أهل السير أن أعداء المسلمين كانوا يهابون الرجل الذي يربط “علامة الموت” على جبينه، إذ بدا لهم كمن تخلّى عن الخوف تمامًا. كان معنى العصابة الحمراء لأبي دجانة أن هذا الفارس قد ودّع الحياة، وأنه جاء ليكسر الصفوف لا ليعود سالمًا. وهكذا تحولت قطعة قماش إلى أسلوب حرب افتقده خصومه واحتاجته الأمة في أيام البلاء.

⚔️ سيف الرسول ﷺ مع أبي دجانة في غزوة أُحد وقصة البطولة الخالدة

قصة سيف الرسول مع أبو دجانة:

في بداية يوم أُحد، وقف النبي ﷺ رافعًا سيفه بين أصحابه وقال: «من يأخذ هذا السيف بحقه؟» فتردد بعضهم عن السؤال، لأنهم أدركوا أن حق السيف ليس حمله فقط، بل الصبر والثبات حتى النهاية. فتقدم   بثقة وقال: «أنا آخذه بحقه يا رسول الله.» فناوله النبي ﷺ السيف، لتبدأ واحدة من أعظم صفحات المجد في السيرة النبوية.

عهد القوة على السيف:

وما إن قبض أبو دجانة على السيف حتى اشتد عزمه، فشدّ العصابة الحمراء على رأسه، ومضى يخترق صفوف المشركين لا يهاب الموت. وكان إلى جوار النبي ﷺ في تلك اللحظات طلحة بن عبيد الله — أحد الأبطال الذين ثبتوا يوم أُحد — يشهد كيف التزم أبو دجانة بالعهد، فلم يرفع السيف على امرأة، ولم يضرب به إلا من يستحقه في ميدان القتال. هكذا كان الفارس؛ شجاعة بلا تهور، وقوة بلا ظلم.

موقف أثر في مسار القتال:
ويذكر الرواة أن العدو كان يفر من أمام أبي دجانة حين يرونه يلوّح بسيف رسول الله ﷺ، حتى صار اسمه رهبة في الصفوف. وقد ظن بعض المشركين أن المسلمين قد تضاعف عددهم لما رأوا أثر ذلك السيف في القلوب قبل الأجساد. لقد كتب سيف الرسول مع أبي دجانة محطة فارقة في معركة أُحد، حتى قيل: «لو كان يوم أُحد رجلًا واحدًا يساوي كتيبةً في الثبات، لكان أبا دجانة.»


أبو دجانة الأنصاري يربط العصابة الحمراء ويحمل السيف في ساحة معركة أُحد استعدادًا للقتال
مشهد سينمائي يُبرز شجاعة أبي دجانة الأنصاري، صاحب العصابة الحمراء، وهو يستعد للقتال في غزوة أُحد بسيف الرسول ﷺ دفاعًا عن الإسلام.

🌴 قصة أبي دجانة والنخلة بين الحقيقة والافتراء

قصة أبي دجانة والنخلة:

انتشرت بين بعض الروايات المتأخرة قصة تُعرف باسم قصة أبي دجانة والنخلة، وتقول إن رجلًا ظَلم جاره، فطلب أبو دجانة النخلة لتعود لأصحابها، ثم قطعها ليردّ الحق. ورغم أن القصة تُروى على ألسنة بعض الوعّاظ، فإنها لم تثبت بسند قوي في كتب السيرة المعتمدة مثل ابن إسحاق وابن هشام والطبري. فالذين أرخوا لسيرة أبو دجانة الأنصاري ركزوا على بطولاته في المعارك، لا على القصص الوعظية التي لا سند لها.

مدى صحة القصة في كتب السيرة:

عند الرجوع إلى المصادر الأوثق في تاريخ صدر الإسلام، نجد أن قصة النخلة لأبي دجانة ليست مذكورة في الروايات الصحيحة. لذلك اتفق أهل التحقيق على أن القصة أقرب إلى الإضافات الشعبية المتأخرة. ولو كانت القصة ثابتة، لذكرها كبار المؤرخين الذين نقلوا لنا أدوار الصحابة في المدينة، كما ذكروا — على سبيل المثال — سيرة أبي عبيدة بن الجراح وأمانته في قضايا مشابهة تتعلق بردّ الحقوق لأهلها.

لماذا انتشرت القصة بين الناس؟

انتشرت هذه الرواية لأن النفوس تميل للقصص العاطفية المؤثرة، خاصة حين ترتبط باسم بطل عظيم مثل أبي دجانة. لكنها — رغم رسالتها الأخلاقية — لا ينبغي أن تُنسب إليه ما لم تثبت. وبذلك نؤكد أن القصص الصحيحة عن أبي دجانة أعظم بما لا يقاس من القصص المختلقة، فهو صاحب مواقف ثابتة حقيقية في أُحد وغيرها، لا يحتاج معها إلى روايات ضعيفة أو مختلقة ليظهر فضله.


🕌 ماذا قال الرسول عن أبي دجانة؟ مواقف النبي ﷺ معه

قول النبي عن أبي دجانة:

كان رسول الله ﷺ يعرف شجاعة أبي دجانة الأنصاري، ويقدّر قوة قلبه وثباته في المواقف الشديدة. وقد روي أن النبي ﷺ قال عنه في يوم أُحد حين رآه يتقدم الصفوف:
«إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن.»
والمقصود أن مشيته المتبخترة كانت في القتال فقط؛ تبختر قوة وهيبة تكسر رؤوس الأعداء، لا تبختر كِبر أو غرور. وهذا وحده شهادة عظيمة بأن النبي ﷺ كان يرى في أبي دجانة رجل الميدان حين تشتدّ الحاجة للثبات.

موقف نبوي أثر في شخصيته:

ومن المواقف المؤثرة بين النبي ﷺ وأبي دجانة، أن الرسول سلّمه سيفه الشريف في أُحد — وهو شرف لم ينله إلا القليل — ثم أوصاه ألا يضرب به إلا من يستحق. وقد روى الصحابي سعد بن معاذ أن هذا الموقف غيّر أبا دجانة إلى الأبد؛ إذ صار بعده يرى سيفه أمانة لا مجرّد سلاح، فيقاتل بحزم… ولكن بعدل.

لماذا مدحه الرسول أمام الصحابة؟

مدح النبي ﷺ أبا دجانة لأنه جمع بين عزيمة الأسد وقلب المؤمن. لم يكن متهورًا، ولم يكن جبانًا، بل كان يتقدم حين يتراجع غيره، ويثبت حين تضطرب الصفوف. وهكذا صار مدح الرسول لأبي دجانة علامة واضحة على مكانته في قلوب الصحابة، وعلى دوره العظيم في حماية راية الإسلام.


⚖️ أبو دجانة عند الشيعة ورؤيتهم لسيرته

رأي الشيعة في أبي دجانة:

تذكر بعض المصادر لدى الطائفة الشيعية أبا دجانة الأنصاري في سياق مختلف قليلًا عن كتب أهل السنة، حيث يظهر اسمه في بعض الروايات التي تتعلق بأحداث الفتنة الكبرى وما بعدها. ومع ذلك، فإن الشيعة — مثل أهل السنة — يقرّون بشجاعته يوم أُحد، ويذكرون موقفه البطولي في حماية النبي ﷺ. فلا يوجد خلاف على بطولة أبي دجانة في غزوة أحد، وإنما يكمُن الاختلاف في بعض الأحداث اللاحقة وليس في أصل سيرته في زمن النبوة.

سبب اختلاف الروايات حول أبي دجانة:

يرجع سبب اختلاف الروايات إلى اختلاف زاوية النقل بعد زمن الصحابة، خاصة بعد الفتن التي وقعت في الأمة. وكما يختلفون في روايات تخص طلحة بن عبيد الله أو الزبير بن العوام أو غيرهم من كبار الصحابة الذين شاركوا في الأحداث السياسية اللاحقة، كذلك تختلف بعض الروايات التي ذُكر فيها اسم أبي دجانة. لكن المهم أن هذا لا يؤثر إطلاقًا على مكانته في السيرة النبوية، ولا على دوره العظيم أيام النبي ﷺ.

عرض محايد دون جدل:

لا ينبغي الاعتماد على الروايات الضعيفة أو العاطفية في هذا الباب. فما اتفقت عليه الأمة في كتب التاريخ والسير — من شجاعته وإقدامه وإخلاصه — يغني عن الدخول في الجدل المذهبي. فـ سيرة أبي دجانة الصحيحة ثابتة ومشرقة، وهي التي يجب أن تُروى للأجيال كنموذج للفارس المؤمن الذي يقدّم دينه على نفسه، ويثبت حين تهتز القلوب.


🏹 وفاة أبي دجانة والدروس المستفادة من سيرته

وفاة أبي دجانة الأنصاري:

بعد حياةٍ حافلة بالجهاد والبذل، مرض أبو دجانة الأنصاري في آخر أيامه، فكان صابرًا محتسبًا، يبتسم كلما ذُكرت أمامه مشاهد الثبات في سبيل الله. لم يمت على فراش ضعفٍ وذل، بل رحل كما يعيش الأبطال؛ نفسًا مطمئنة، وقلبًا راضيًا بما قدّم. وقد روى عبد الله بن جحش — وهو أحد رفاقه في ميادين القتال — أن أبا دجانة ظلّ يحمد الله على أنه لم يُدنّس سيفه بظلم، ولم يرفع يده على ضعيف، وأنه لقي ربّه نظيف الصحيفة في معارك الدنيا.

ثباته حتى آخر حياته:

كان في سكرات موته مطمئنًا، كأنه يسمع وقع حوافر الخيل في أُحد من جديد، فيبتسم ويقول: “اللهم إنك تعلم أني ما كنت أقاتل إلا نصرة لدينك.” لم يبدل، ولم يغيّر، ولم يعرف طريق التراجع في يوم من الأيام. مات ثابتًا كما عاش ثابتًا، وهذا أكبر درس من وفاة أبي دجانة لمن يتأمل سيرته.

الدروس والعبر من قصة أبي دجانة:

تعلّمنا قصة أبي دجانة الأنصاري أن القوة إذا لم تُضبط بالإيمان تحولت إلى بطش، وأن الشجاعة بلا مبادئ مجرد مظهر زائف. لقد جسّد هذا الفارس مزيجًا نادرًا من الجرأة والانضباط، فكان مثالًا للرجل الذي يضع الموت تحت قدميه ليحيا دينه في القلوب. وهذه السيرة — بتمامها — كافية لتجعل اسمه حيًّا ما بقيت دروب العزة مفتوحة أمام المؤمنين.
فارس من الأنصار يقف في نهاية المعركة مع غروب الشمس في مشهد يجسّد ثبات أبي دجانة الأنصاري بعد القتال في غزوة أُحد
مشهد سينمائي يُجسّد لحظة نهاية القتال في غزوة أُحد، حيث يرمز الغروب إلى ختام المعركة وثبات رجال الإيمان، وعلى خطاهم سار أبو دجانة بشجاعة لا تنطفئ.


📌 الخاتمة: ماذا نتعلم من سيرة أبي دجانة؟

قصة أبي دجانة الأنصاري ليست مجرد مشهد بطولي في معركةٍ مضت، بل هي درسٌ خالد في معنى الإيمان حين يتجسّد في الرجولة والموقف. لم يكن أبو دجانة يبحث عن مجدٍ شخصي أو بطولةٍ زائفة، بل كان يقاتل بعقيدةٍ ثابتة وقلبٍ مُسلّم لله، يضع روحه على كفه ولا يسأل عن الثمن. لقد أثبت أن القوة إذا اجتمعت مع الإخلاص صنعت رجالًا لا يُهزمون مهما كانت الجراح، وأن العصابة الحمراء لم تكن زينة رأس… بل عهدًا لا رجعة فيه.

إن سيرة أبي دجانة تُعلّمنا أن البطولة ليست صرخة حماس عابرة، بل موقف عند الامتحان، وثبات حين يتراجع غيرك، وإقدام حين يختبئ الجبان خلف الأعذار. فمن أراد أن يصنع أثرًا يبقى، فليتأمل كيف عاش هذا الفارس، وكيف مات على ما عاش عليه.

رأيك يهمّنا!

قبل أن تغادر… نود أن نسمع منك:

  • ما أكثر موقف أثر فيك من سيرة أبي دجانة؟
  • برأيك… هل ما زال التاريخ قادرًا على صناعة رجال بمثل إخلاصه وشجاعته؟
  • ما الدرس الذي ستأخذه لنفسك من هذه القصة؟

📌 اكتب رأيك في التعليقات، وشارك المقال مع من تحب إن وجدت فيه فائدة.
💬 ولا تنسَ حفظ المقال أو متابعـتنا ليصلك المزيد من قصص السيرة الملهمة.


❓ الأسئلة الشائعة حول أبي دجانة

🔹 ما هي قصة أبو دجانة؟

قصة أبي دجانة الأنصاري تدور حول شجاعته في معركة أحد حين حمل سيف الرسول ﷺ، وربط العصابة الحمراء على جبينه علامة العهد على القتال حتى النهاية، فكان درعًا حيًّا يحمي النبي ﷺ بثبات نادر.

🔹 لماذا سُمّي أبو دجانة بهذا الاسم؟

سُمّي أبو دجانة بالعصابة الحمراء لأنه كان يشدها على رأسه عند القتال، فلا يربطها إلا إذا عزم على الصبر والثبات حتى آخر رمق، فصار اللقب رمزًا للشجاعة والإقدام.

🔹 ماذا قال الرسول عن أبي دجانة؟

مدح النبي ﷺ أبا دجانة لشجاعته، وقال عنه في أحد: «إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن»، عندما رآه يمشي بخطوات قوية بين الصفوف لإرهاب المشركين.

🔹 ما مدى صحة قصة أبي دجانة والنخلة؟

قصة أبي دجانة والنخلة لا تثبت بسند صحيح في كتب السيرة المعتمدة، وتعد من الروايات الضعيفة المنتشرة بين الناس دون دليل قوي يدعمها.

🔹 ما هي أشهر مواقف أبي دجانة في معركة أحد؟

أشهر مواقفه أنه وقف بجسده درعًا يقي النبي ﷺ من سهام العدو، فتلقت كتفاه وظهره الضربات بدلًا من رسول الله ﷺ، فصار هذا الموقف علامة على وفائه وإخلاصه.

🔹 هل ذكر الشيعة أبا دجانة في رواياتهم؟

نعم، يُذكر أبو دجانة عند الشيعة في بعض الروايات التاريخية، مع اتفاق الجميع على شجاعته في حياة النبي ﷺ، واختلاف في بعض الأحداث اللاحقة.


📚 المصادر والمراجع

اسم الكتابالمؤلفملاحظات
السيرة النبويةابن هشاممن أهم مراجع أحداث السيرة وغزوة أُحد
المغازيالواقديمصدر قديم يروي تفاصيل المعارك وتسلسلها
الطبقات الكبرىابن سعديتناول تراجم الصحابة ومنها سيرة أبي دجانة
تاريخ الطبريالطبريمن أوسع كتب التاريخ الإسلامي
الإصابة في تمييز الصحابةابن حجر العسقلانيأوثق كتب تراجم الصحابة
أسد الغابة في معرفة الصحابةابن الأثيرمرجع موسع عن تراجم الصحابة
دلائل النبوةالبيهقييعرض الروايات المتعلقة بالسيرة النبوية

إقرأ أيضاً عن الصحابة الكرام:

عصور ذهبية
عصور ذهبية
تعليقات