📁 آخر الأخبار

موقف النجاشي من المسلمين وقصة إسلامه: كيف نصر ملك الحبشة الدعوة وبكى عند سماع القرآن؟

 🌍👑النجاشي… الملك الذي نصَر الإسلام قبل أن يراه

في زمنٍ اشتد فيه الظلم على المسلمين في مكة، وتحوّلت قريش إلى قوة قاسية لا تعرف الرحمة، انطلقت قوافل المستضعفين ليبحثوا عن بقعة على الأرض لا تُجلد فيها الظهور، ولا تُهان فيها القلوب المؤمنة. خرجوا تاركين خلفهم بيوتهم وأموالهم وأحلامهم، وتوجّهوا إلى أرض بعيدة عبر البحر… إلى الحبشة.

وهناك كان يعيش ملك لم يره المسلمون قط، ولم يسمع النبي ﷺ صوته يومًا، لكنه عُرف في التاريخ بصفة واحدة عظيمة:
“الملك العادل.”

إنه النجاشي، الرجل الذي سيقف أمام قريش كلها، وسيرد هداياها، وسيُعلن في قصره أن المسلمين قوم صدق، وأن الظلم لا مكان له في ملكه.
لم يكن النجاشي مجرد ملك رحيم… بل كان أول رجل من خارج الجزيرة العربية ينصر الإسلام، وأول من يدافع عن المؤمنين بسلطته وقلبه، حتى أصبح اسمه مرتبطًا بالعدل كما ارتبط اسم الفاروق عمر رضي الله عنه بالقوة.

كان هذا الملك غريبًا عن العرب، لكنه أقرب إليهم في الرحمة من أبناء عمومتهم. وفي قصره الواسع، وتحت أعمدته المهيبة، ستُروى واحدة من أعظم قصص الثبات: قصة لقاء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بالنجاشي، وقصة الدموع التي انهمرت على لحيته حين سمع القرآن لأول مرة، وقصة إسلامه الذي أخفاه عن قومه لكنه لم يُخفِ صدقه عن الله.

قصة النجاشي ليست قصة ملك… بل قصة قلبٍ عرف الحق من أول آية، ورجلٍ أصبح للإسلام باب نجاة ومأوى أمان في أشد لحظاته ظلمة.

مشهد فني يصور الملك النجاشي وهو يجلس على عرشه في قاعة واسعة بينما يقف المسلمون أمامه، في تجسيد لموقفه العادل من الهجرة إلى الحبشة.
لوحة ديناميكية تظهر النجاشي الملك العادل وهو يستمع إلى وفد المسلمين في قصره، لحظة فارقة من لحظات حماية الإسلام في الحبشة.

🌟👑لماذا انحاز النجاشي للمسلمين منذ اللحظة الأولى؟ وما الذي سمعه من جعفر رضي الله عنه فغيّر قلبه؟

عندما وقف المسلمون لأول مرة أمام النجاشي في قاعة الحكم، كانوا يرتجفون من شدة الموقف. فمصيرهم كله كان يتوقف على كلمات قليلة يقولها رجل لم يلتقوا به من قبل. ومع ذلك، حدث شيء مدهش… شيء لا يمكن تفسيره إلا بأنه هداية من الله.

النجاشي لم يرَ في وجوههم خوف المتمردين، ولا دهاء السياسيين، بل رأى في عيونهم نور الصدق. كان يعرف من ملامحهم أنهم قوم لم يتركوا أوطانهم طمعًا في ملك أو مال، بل فرارًا من ظلم قهري. وهذا وحده كان كافيًا ليجعل قلبه يميل إليهم قبل أن يسمع منهم كلمة واحدة.

لكن اللحظة التي حددت مسار كل شيء كانت عندما سأله النجاشي عن دينهم، فوقف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وتحدث بأعظم خطاب في تاريخ الدعوة خارج مكة.

كلمات جعفر التي أسقطت حواجز الدين واللغة

لم يقدّم جعفر دين الإسلام كدين غريب أو جديد، بل قدّمه كرسالة تربّي الإنسان قبل أن تحكمه، وتصلح القلب قبل أن تفرض التشريع. قال له:

"أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية… حتى بعث الله إلينا رسولًا منا…"

ثم بدأ يصف التحول الإنساني الذي أحدثته الرسالة:
من عبادة الأصنام إلى عبادة الله،
من أكل الميتة إلى الطيب الحلال،
من الفاحشة إلى العفة،
من الظلم إلى العدل.

كان النجاشي يسمع كل هذا وكأنه يسمع قصة روحية عاشها داخله طوال حياته.
ولكن اللحظة الفاصلة جاءت عندما سأله عن عيسى ابن مريم عليه السلام.

الآيات التي هزّت قلب الملك النجاشي

تلا جعفر رضي الله عنه آيات من سورة مريم، فكانت الكلمات كسهام نور تخترق قلب النجاشي.
كان يسمع القرآن لأول مرة في حياته…
ومع ذلك شعر أنه يسمع شيئًا مألوفًا، شيئًا قريبًا، شيئًا صادقًا حتى العظم.

حين سمع:

﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﴾

ارتجف جسده، ثم انحدرت دموعه حتى بللت لحيته وثيابه.
وبكى القساوسة من حوله تأثرًا بالقرآن، لأن الآيات كانت مطابقة لما يعرفونه في كتبهم، بل أصفى وأوضح.

لماذا أحب النجاشي الإسلام قبل أن يُسلم؟

كان قلب النجاشي مهيأً للحق منذ البداية، فهو:

  • نشأ على العدل
  • حفظ ما جاء في الإنجيل
  • وعرف قصة مريم وعيسى عليهما السلام
  • ورفض الظلم طوال حياته

لذلك، عندما سمع الإسلام، وجد أنه يكمل ما في قلبه، لا يعارضه.

أدرك الملك أن المسلمين ليسوا أهل بدعة ولا فوضى، بل أتباع دينٍ طاهر، ورأى فيهم أنفسهم في شبابه حين عانى من ظلم أقربائه الذين أرادوا انتزاع ملكه.

ومن هنا بدأ حب النجاشي للإسلام…
حبًا ظهر في دمعته الأولى، وظهر أكثر في قراره العظيم:
"اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي."

هذه اللحظة لم تكن مجرد عطف…
بل كانت أول بذرة لإسلام ملكٍ سيكتب الله باسمه صفحة خالدة في تاريخ الأمة.


🛡️🏰كيف حمى النجاشي المسلمين من قريش؟ ولماذا فشلت كل محاولات عمرو بن العاص رغم دهائه؟

بعد أن سمع النجاشي الكلمات الأولى من جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لم يعد ينظر إلى المسلمين كضيوف عابرين، بل كأناسٍ أمانة في عنقه، يحتاجون إلى حماية وعدل. لقد لمس في حديث جعفر صدقًا لا يُشترى، ورأى في أعين المهاجرين خوفًا لا يليق ببشر، فقرّر فورًا أن تكون أرض الحبشة ملاذًا لهم مهما حاولت قريش الضغط عليه.

ولكن قريش، التي رأت أن الإسلام خرج من سيطرتها لأول مرة، لم تستسلم بسهولة. فأرسلت أحد أمهر السياسيين العرب: عمرو بن العاص—الذي كان ماكرًا، ذكيًا، واسع الحيلة، ويعرف كيف يقنع الملوك. حمل معه الهدايا والذهب، وجاء يريد إقناع النجاشي بتسليم المسلمين. ومع ذلك… انتهت محاولته بالفشل الذريع.

أول مواجهة: الحيلة لا تهزم العدل

دخل عمرو على بطانة النجاشي قبل لقائه، ووزع عليهم الهدايا، وأقنعهم بأن المسلمين “خرجوا على قومهم وابتدعوا دينًا جديدًا” وأن وجودهم خطر على السلام الداخلي للحبشة.
كانت الخطة واضحة:
اضغط على البطانة لتضغط على الملك.

لكن النجاشي لم يكن ملكًا ضعيفًا يسير وراء رغبات مستشاريه.
وقف أمامه ثابتًا وقال:

"لا والله، لا أسلمهم حتى أسمع منهم."

منذ تلك اللحظة… فهم عمرو أن هذا الملك ليس كغيره.

المواجهة الثانية: القرآن يهزم السياسة

في اللقاء الأول، عندما تلا جعفر رضي الله عنه آيات سورة مريم، انهمرت دموع النجاشي، وحسم الموقف قائلاً:
"اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي."

لكن عمرو لم ييأس.
عاد في اليوم التالي إلى النجاشي وفي جعبته “سهم قاتل” كما ظن. قال له:
"أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولًا عظيمًا يخالف ما تقول!"

ظن أن الملك سيغضب ويثور…
لكن النجاشي خصّ المسلمين بلقاء ثانٍ، وسأل جعفرًا عن عقيدتهم في المسيح عليه السلام.
فقرأ جعفر من القرآن مرة أخرى:
"إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله…"

فبكى النجاشي من جديد، وبكى القساوسة معه حتى خضّلت دموعهم لحاهم وثيابهم.

ثم التفت إلى عمرو بن العاص وقال:
"والله إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة."
ومعنى المشكاة: النور الواحد.

كانت هذه اللحظة نهاية خطة عمرو.
فلا دهاؤه، ولا هداياه، ولا ضغط البطانة استطاع أن يُطفئ نور الحق الذي سمعه الملك.

لماذا فشل عمرو رغم قوته السياسية؟

هناك ثلاثة أسباب حاسمة:

1.النجاشي كان ملكًا يعرف الحق إذا سمعه
لم يكن ملك هوى أو ملك جاه، بل ملك علم وعدل، يتأثر بالمبادئ لا بالذهب.
2.قضية المسلمين لم تكن سياسية… كانت إنسانية
رأى المهاجرين بسطاء فقراء، لا يشكلون تهديدًا، بل جماعة هاربة من الظلم.
3.القرآن هزم كل دبلوماسية قريش
عمرو جاء بالهدايا، وجعفر جاء بالآيات…
والآيات كانت أقوى.

النهاية: حماية النجاشي تصنع أول وطن آمن للمسلمين

بعد المواجهة الثانية، أعلن النجاشي بصوت لا لبس فيه:
"من سبّهم أو آذاهم فهو معتدٍ عليّ."

بهذا الموقف، أصبحت الحبشة أول دولة في العالم تُعلن رسميًا حماية المسلمين.
لم يعد المهاجرون غرباء، بل أصبحوا تحت رعاية ملك يعتبرهم ضيوفًا كرامًا… بل وإخوة في الإيمان لاحقًا.


🌟🕊️قصة إسلام النجاشي… كيف دخل نور القرآن قلبه؟ ولماذا أخفى إيمانه عن قومه؟

قصة إسلام النجاشي ليست قصة ملك اقتنع بدين جديد فحسب، بل قصة رجلٍ عرف الحق قبل أن يراه، ولامس نور القرآن قلبه قبل أن يلمس أذنيه. كان النجاشي من الملوك القلائل الذين يجمعون بين القوة والرحمة، وبين الحزم والعدل. ولذلك، عندما وقف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أمامه يتلو آيات سورة مريم، لم يكن يستمع مجرد استماع… بل كان يعيش كل كلمة كأنها نداء سماوي يُعيد إليه ما عرفه من الإنجيل منذ صغره.

🟣 آيات القرآن التي كانت بداية الهداية

حين سمع النجاشي وصف القرآن لعيسى ابن مريم عليه السلام، شعر أن الرسالة التي يحملها النبي ﷺ ليست دينًا غريبًا، ولا دعوة متمرّدة، بل امتدادٌ طبيعي لما يعرفه من كتب السماء.
لقد تحدّث جعفر رضي الله عنه عن المسيح كما يجب أن يُتحدّث عنه:
لا مبالغة ولا تحريف…
ولا إنكار ولا غلو…
بل تعظيم وإيمان وتقديس مطابق لما عرفه الملك من تعاليم الإنجيل الأصلية.

كان النجاشي يسمع، فيرتجف قلبه، ثم تفيض عيناه بالدموع. وكانت دموعه شهادة أولى على أنه فهم أن الإسلام لا يصطدم مع المسيحية الحقيقية، بل يكملها.
ومنذ ذلك اليوم، بدأ نور الإيمان يزداد في قلب الملك، حتى أصبح أحد أسرار قصره التي لا يبوح بها إلا لمن يثق بهم.

🟣 النجاشي يؤمن سرًا… ولكن لماذا يخفي إسلامه؟

آمن النجاشي برسالة النبي ﷺ إيمانًا صادقًا، لكن ظروف حكمه لم تكن تسمح له بإعلان إسلامه علنًا. فقد كانت البلاد مليئة بالقساوسة والكبار من النصارى الذين يرونه حاميًا لدينهم، وإعلان إسلامه قد يعني سقوط ملكه، وحدوث اضطراب سياسي قد يعرّض المسلمين المقيمين عنده للخطر.

لم يكن يخشى على نفسه… بل كان يخشى على المهاجرين الذين يعيشون في أرضه.
ولو أعلن إسلامه جهارًا، لربما ثار النصارى في الحبشة، وانهار الحكم، وضاع الأمن الذي وجده المسلمون.
فآثر أن يخفي إيمانه عن قومه، وأن يعلن نصرته للإسلام بطريقة ذكية تحفظ أمن البلاد، وتحقق العدالة التي جاء بها الدين.

🟣 رسالة النجاشي إلى النبي ﷺ… اعتراف ملكي بالإسلام

وصل إلى النبي ﷺ لاحقًا خطاب من النجاشي يعلن فيه إسلامه الكامل، ويقول فيه:
إنه يؤمن بالله الواحد، ويؤمن برسالة محمد ﷺ، ويشهد أنه نبي الحق.
وتذكر كتب السيرة أن النجاشي أرسل إلى النبي ﷺ هدية، وأرسل أبناء بعض من آمن معه ليكونوا في رعاية المسلمين.

كانت تلك الرسالة بمثابة أول “اعتراف خارجي” بالإسلام من دولة أخرى، وأول خطوة حقيقية في طريق انتشار الرسالة خارج الجزيرة العربية.

🟣 وفاة النجاشي وصلاة النبي ﷺ عليه صلاة الغائب

حين مات النجاشي في بلده، لم يكن أحد من المسلمين في الحبشة يعلم بإسلامه الكامل.
لكن الله أوحى إلى نبيّه ﷺ بخبر موته، فقال لأصحابه في المدينة:
“مات اليوم رجل صالح.”
ثم خرج بهم وصلى عليه صلاة الغائب، وهذا لم يفعله النبي ﷺ مع أي ملكٍ أو زعيم سوى النجاشي.

كانت صلاة الغائب أعظم تكريم، وأقوى دليل أن النجاشي لم يكن مجرد ملك عادل…
بل كان مؤمنًا صادقًا، أحب الإسلام ودافع عنه، وكان إسلامه نورًا امتد أثره لسنوات طويلة.


👑✨مواقف النجاشي التي أثرت في تاريخ الدعوة… كيف ساهم ملك واحد في إنقاذ الإسلام؟

لم يكن النجاشي مجرد حاكم عادل، بل كان قوة ربانية سندت الدعوة الإسلامية في أشد لحظات ضعفها. وبفضل مواقفه، نجا الإسلام مبكرًا من محاولات قريش لإخماده، وحصل المسلمون على مساحة آمنة يمارسون فيها شعائرهم ويعيدون بناء قلوبهم بعيدًا عن سياط المشركين.
لقد وقف النجاشي بثبات أمام كل الضغوط، وبكل ما منحته السلطة من قوة، ليكون أول ملك في العالم يعلن حماية المسلمين رسميًا.

🟢 موقفه الأول: تأمين الهجرة الأولى بدون تردد

عندما وصل أول فوج من المسلمين إلى الحبشة، كان النجاشي قادرًا أن يرفض استقبالهم خوفًا على علاقته مع قريش، لكنه لم يفعل.
لم يطلب منهم جزية، ولم يشترط عليهم شيئًا، ولم يستفزهم بأسئلة أو اتهامات، بل أعطاهم أمانًا وصفه المسلمون بأنه “أوسع من كل ما عرفوه في مكة”.

بهذا القرار الجريء، منع النجاشي أول محاولة لقريش لإبادة الدعوة.

🔵 موقفه الثاني: رفض تسليم المسلمين رغم هدايا قريش

حين جاء عمرو بن العاص محملًا بالذهب والهدايا الثمينة، كان يتوقع أن ملكًا من ملوك الأرض لن يرفض كل هذا.
لكن النجاشي رد الهدايا، وقال كلمته الشهيرة التي خلدها التاريخ:
“ما أخذ الله مني بالرشوة فلا آخذ فيه رشوة.”

بهذا الموقف، أغلق الباب تمامًا على قريش، وأعلن بداية دولة تحمي المسلمين حماية كاملة.

🟢 موقفه الثالث: بكاؤه عند سماع القرآن

التاريخ يروي أن الملك كان يبكي عندما يسمع القرآن من جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.
هذا البكاء لم يكن بكاء عاطفة فقط، بل كان بكاء فهم وإيمان.
لقد شعر أن الإسلام يشرح ما في الإنجيل، ويرفع عنه التحريف الذي طال الكتب السابقة، ولذلك رأى أن رسالتَي محمد وعيسى عليهما السلام “تخرجان من نور واحد”.

هذه اللحظة هي لحظة بداية إسلامه الحقيقي.

🔵 موقفه الرابع: حماية المهاجرين لأكثر من 14 سنة

لم تكن حماية مؤقتة، بل كانت حماية مستمرة لسنوات طويلة.
عاش المسلمون في الحبشة بأمان، تزوجوا، أنجبوا، تعلموا، وازدادوا ثباتًا.
وكان النجاشي يراقب أوضاعهم بنفسه، ويحرص على ألا يقترب منهم أي خطر.

هذه الحماية الطويلة كانت سببًا في بقاء الدعوة حتى حان وقت الهجرة الكبرى إلى المدينة.

🟢 موقفه الخامس: إسلامه الخفي وإرسال رسالته للنبي ﷺ

واحدة من أعظم مواقف النجاشي أنه آمن بالنبي ﷺ إيمانًا كاملًا، وكتب خطابًا يعلن فيه إسلامه، وأرسله مع وفدٍ من قومه إلى المدينة.
كان ذلك أول “تحالف إيماني” بين مسلمي مكة وملك خارج الجزيرة.

هذه الخطوة توسع دائرة الإسلام وتجعل الدعوة عالمية قبل أن ينشأ مجتمع المدينة.

🔵 موقفه السادس: وفاة النجاشي وصلوات النبي ﷺ عليه

عندما مات النجاشي، لم يُعلم المسلمون في الحبشة بذلك فورًا، لكن النبي ﷺ عرف بخبر موته في المدينة، وأعلن لأصحابه:
“مات اليوم رجل صالح.”
ثم صلى عليه صلاة الغائب، وهذا شرف لم يُعطَ لأي ملك آخر.

هذا يدل أن موقف النجاشي لم يكن مجرد عدل سياسي، بل كان إيمانًا صادقًا ترك أثرًا خالدًا في حياة الأمة.


📖✨الدروس والعبر من موقف النجاشي وقصة إسلامه… كيف أصبح ملكًا لا يُنسى في تاريخ الأمة؟

قصة النجاشي ليست مجرد فصل من فصول الهجرة، بل هي مدرسة كاملة في العدل، والإيمان، والبصيرة، ونصرة الحق. ومن مواقفه، ومن دموعه عند سماع القرآن، ومن قراراته الشجاعة التي غيّرت مسار الدعوة، تتشكل أمامنا مجموعة من الدروس العميقة التي لا يزال المسلمون يحتاجونها اليوم.

🟣 1) العدل وحده قادر على هدم الظلم مهما كان قويًا

قريش كانت تمتلك المال والنفوذ والقبائل، بينما كان المسلمون مستضعفين لا يملكون إلا إيمانهم.
ومع ذلك… لم يخضع النجاشي لضغط الكبار، ولم يبع ضميره بالذهب، لأن قلبه كان يعرف قيمة العدل.
هذا يعلمنا أن السلطة الحقيقية ليست في القوة، بل في الضمير الذي يرفض الظلم.

🔵 2) نور الحق لا يحتاج إلى جدال طويل… يكفي أن يُسمع بصدق

ما غيّر قلب النجاشي لم يكن مناظرة طويلة، بل كانت آيات قليلة من سورة مريم.
ذلك يؤكد أن القرآن إذا قُرئ بصفاء، يصل إلى القلوب مهما كانت بعيدة، ويُسقط الحواجز مهما كانت قوية.

🟣 3) نصرة الحق ليست مقتصرة على المسلمين

لم يكن النجاشي عربيًا، ولم يكن يعيش في مكة، لكنه نصَر الإسلام أكثر مما نصَرَه كثير من أهل مكة أنفسهم.
وهذا درس مهم:
أن أهل الفطرة السليمة ينتصرون للعدل، ولو لم يكونوا من قومك.

🔵 4) الحكمة في إعلان الحق… لا تعني الخوف بل تعني حماية المصلحة

النجاشي لم يعلن إسلامه أمام قومه مباشرة، ليس لأن إيمانه ناقص، بل لأنه كان يعلم أن ملكه لو سقط، فإن المسلمين سيضيعون معه.
إخفاؤه إيمانه كان جزءًا من حماية الدعوة، وليس نقصًا فيها.

🟣 5) الثبات على الإيمان يصنع أثرًا يتجاوز العمر

النجاشي مات في الحبشة، بعيدًا عن المدينة، ولم يسجد لله مع المسلمين، ولم يشهد بدرًا ولا أحدًا…
ورغم ذلك:

  • صلى عليه النبي ﷺ صلاة الغائب
  • وسُمّي "الرجل الصالح"
  • وخلّد التاريخ اسمه
لأن الإخلاص يرفع الإنسان حيث لا ترفعه الجغرافيا.

🔵 6) أنقذ الله الدعوة على يد رجل واحد… فدلّ ذلك على أن النصر قد يأتي من حيث لا نحتسب

لو لم يقف النجاشي ذلك الموقف، لربما قُتل المهاجرون، أو أعيدوا إلى التعذيب في مكة.
لكن الله سخّر لهم ملكًا عادلًا، فحفظهم، وحفظ معهم بداية الدعوة.
هذا يذكّر الأمة بأن الأرزاق والنصر والهداية ليست بيد البشر… بل بيد الله وحده.


❓📘 الأسئلة الشائعة حول النجاشي وموقفه من المسلمين وقصة إسلامه

1) من هو النجاشي الذي نصر المسلمين؟

النجاشي هو أصحمة بن أبجر، ملك من ملوك الحبشة، اشتهر بالعدل والحكمة. وهو الملك الذي آوى المسلمين في الهجرة الأولى والثانية، وحماهم من بطش قريش، ورفض تسليمهم رغم الهدايا والضغوط. وقد وصفه النبي ﷺ بأنه رجل صالح.

2) لماذا تعاطف النجاشي مع المسلمين منذ أول لقاء؟

لأن النجاشي كان ملكًا ذا فطرة سليمة وقلب رحيم، وعندما سمع كلام جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وجد أن الإسلام يوافق ما يعرفه من الإنجيل، وأن المسلمين قوم صدق، لا طمع لهم ولا فساد. هذه القيم جعلته ينحاز للحق دون تردد.

3) هل حاولت قريش استرجاع المسلمين من الحبشة؟

نعم، أرسلت قريش عمرو بن العاص قبل إسلامه، ومعه هدايا كثيرة، لإقناع النجاشي بتسليم المسلمين. لكنه فشل مرتين، لأن النجاشي تأثر بالقرآن الذي تلاه جعفر رضي الله عنه، ورأى أن المسلمين لا يستحقون الأذى.

4) هل أسلم النجاشي بالفعل؟

نعم، أسلم النجاشي إسلامًا صادقًا، وأرسل للنبي ﷺ رسالة يشهد فيها بالتوحيد وبنبوة محمد ﷺ. وقد أخفى إسلامه عن قومه حتى لا تتعرض مملكته للاضطراب، وليضمن بقاء المسلمين في أمان.

5) لماذا صلى النبي ﷺ عليه صلاة الغائب؟

لأن النجاشي مات في الحبشة ولم يكن هناك من يصلي عليه صلاة الجنازة.
فأخبر النبي ﷺ أصحابه بموته، وقال: “مات اليوم رجل صالح.” ثم صلى عليه صلاة الغائب، وهذا دليل واضح على مكانة هذا الملك في الإسلام.

6) لماذا أخفى النجاشي إسلامه عن قومه؟

لأنه كان يعلم أن إعلان إسلامه علنًا سيؤدي إلى ثورة النصارى في الحبشة، وقد يطيحون به من الملك. ولو حدث ذلك، لوقع المسلمون في خطر كبير. لذلك اختار أن يحمي الدعوة بحكمته، وأن يخفي إيمانه حتى يحفظ أمن البلاد والمهاجرين.

7) ما أهم موقف كشف عدل النجاشي؟

أهم موقف هو رفضه تسليم المسلمين لقريش، رغم الهدايا الضخمة التي قدمها عمرو بن العاص. فقد قال النجاشي:
“لا أسلمهم ما داموا في أرضي.”
وبذلك أصبح أول حاكم في التاريخ يعطي المسلمين حماية رسمية.


🌅✨ الخاتمة: النجاشي… ملكٌ آمن بالحق قبل أن يراه، ونصر الإسلام قبل أن يلقاه

تقف سيرة النجاشي شامخة بين صفحات التاريخ، لا كحكاية ملك عادل فقط، بل كقصة رجل التقى نور الإيمان بقلبه قبل أن يراه بعينيه. كان النجاشي ملجأً للمستضعفين، ودرعًا للمهاجرين، وبابًا فتحه الله للمسلمين حين ضاقت بهم مكة وضاق بهم الظلم.
لم يكن من العرب، ولم يعش في صحراء الجزيرة، ولم يسمع خطب النبي ﷺ، ولكنه كان من أهل الفطرة الذين إذا سمعوا الحق تعرفت عليه أرواحهم.

إن دموعه التي سقطت عند سماع سورة مريم ليست دموع ملك، بل دموع قلبٍ وجد الحقيقة التي ضاعت في أروقة القصور. وإن قراره برفض هدايا قريش لم يكن قرار سياسة، بل قرار إيمان… قرار رجل أدرك أن العدل أعظم من الذهب، وأن حماية المظلوم فريضة لا مساومة فيها.
ومن وراء تلك القرارات، حفظ الله الدعوة من الضياع، وجعل للحبشة مقامًا مباركًا في تاريخ الأمة.

مات النجاشي في أرضه، بعيدًا عن المدينة، لكن النبي ﷺ صلى عليه صلاة الغائب، وخلّد اسمه، وجعل الأمة كلها تعرف أن هذا الملك لم يكن مجرد حاكم، بل كان مؤمنًا صدق ما عاهد الله عليه.
وهكذا انتهت حياة رجل لم يضع سيفًا في سبيل الإسلام، لكنه وضع قلبه… وكان ذلك أعظم أثرًا.

سيرة النجاشي تعلّمنا أن الضوء قد يأتي من مكان لا نتوقعه، وأن الله ينصر دينه بأناس لم نكن نظن أنهم يقفون بين صفوفنا.

أسئلة للقارئ:

  1. ما أكثر موقف أثّر فيك من مواقف النجاشي مع المسلمين؟
  2. هل ترى أن عدل النجاشي نموذج يُحتذى به في الحكم اليوم؟
  3. لو كنت مكان جعفر رضي الله عنه، أي الآيات كنت ستختار لتقرأها أمام الملك؟

📢 دعوة للمشاركة:

إذا أعجبتك قصة النجاشي العادل، شارك المقال مع أصدقائك… وتعليقك يُسعدنا ويدعم استمرار محتوى عصور ذهبية الموثق والمتقن.


📚📊 المصادر التاريخية – موقف النجاشي من المسلمين وقصة إسلامه

إليك أوثق وأهم المصادر التي تناولت سيرة النجاشي ملك الحبشة، وموقفه من المسلمين في الهجرتين، وخطاب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ومحاولات قريش لإرجاع المهاجرين، إضافة إلى روايات إسلامه وصلاة الغائب عليه — دون ذكر أرقام صفحات:

المصدرالمؤلفنوع الكتابملاحظات
سيرة ابن هشامعبد الملك بن هشامسيرة نبويةيروي بالتفصيل لقاء جعفر بالنجاشي، وبكاء الملك عند سماع سورة مريم.
سيرة ابن إسحاقمحمد بن إسحاقأصل السيرة النبويةالأساس التاريخي لقصة الهجرة للحبشة وموقف الملك العادل.
البداية والنهايةابن كثيرتاريخ إسلامي شامليسرد قصة إسلام النجاشي وصلاة الغائب عليه في المدينة.
الطبقات الكبرىابن سعدتراجم وسيريذكر أسماء المهاجرين للحبشة ومراسلات النجاشي للنبي ﷺ.
دلائل النبوةالبيهقيسيرة وتحقيقيوثق مواجهة عمرو بن العاص وفشل خطته لهدم حماية النجاشي للمسلمين.
صحيح البخاريالإمام البخاريحديث صحيحيتضمن روايات عن فضل النجاشي وثناء النبي ﷺ عليه.
صحيح مسلمالإمام مسلمحديث صحيحيذكر حديث صلاة الغائب على النجاشي وبعض أخباره.
زاد المعادابن القيمسيرة وفقهيقدّم تحليلًا لدور النجاشي السياسي والديني في حماية الدعوة.

📝 ملاحظة تاريخية:

اعتمد المقال على أشهر روايات السيرة الموثوقة المتفق عليها عند المؤرخين، مع توثيق الأحداث من الكتب الأساسية التي نقلت الهجرة إلى الحبشة ومواقف النجاشي مع المسلمين.



عصور ذهبية
عصور ذهبية
تعليقات