📁 آخر الأخبار

رحلة الطائف: لماذا رفض النبي ﷺ الانتقام من أهل الطائف؟ القصة الكاملة للموقف العظيم

 🌄 رحلة الطائف… عندما بلغت الجراح ذروتها وولد الأمل من بين الدماء والدعاء

كانت مكة تضيق بالنبي ﷺ يومًا بعد يوم.
تضاعف إيذاء المشركين بعد وفاة خديجة رضي الله عنها، وسقوط حماية أبي طالب، حتى صار الرسول ﷺ يمشي في طرقات مكة بلا سند ولا مأوى يخفف عنه قسوة القلوب. وبين هذا الظلام الثقيل، اتخذ قرارًا سيكتب التاريخ أثره: الذهاب إلى الطائف.

لم تكن الرحلة نزهة، ولا هروبًا من الألم، بل كانت محاولة لإنقاذ الدعوة من الاختناق داخل مكة. خرج النبي ﷺ وعلى كتفيه همّ الرسالة، وفي قلبه جراح الفقد، وفي عينيه أملٌ صغير بأن يجد في الطائف من يستجيب، أو على الأقل من يمنح الدعوة فرصة للحياة.

لكن ما واجهه هناك كان أشد مما تركه خلفه…
حجارة، سخرية، رفض، دماء تسيل من قدميه الشريفتين، ومع ذلك رفع رأسه إلى السماء، ودعا بدعاء صار من أعظم أدعية الابتلاء عبر العصور.

رحلة الطائف كانت لحظة فاصلة… لحظة الألم الذي أنجب الأمل.

مشهد سينمائي لناقة تتجه إلى الطائف في العهد المكي، وفوقها هودج يخرج منه نور دون إظهار أي ملامح، في أجواء صحراوية درامية عند الغروب.
صورة افتتاحية تجسّد بداية رحلة الطائف، حيث خرج النبي ﷺ من مكة على ناقته يبحث عن نصرة للدعوة، مع هودج مُضيء يعبر عن السكينة الإلهية رغم الألم.

🐪 خروج النبي ﷺ من مكة: بداية الطريق نحو الطائف وسط جراح عام الحزن

1️⃣ الضغط المتصاعد في مكة بعد وفاة خديجة وأبي طالب: لحظة بلغت فيها الجراح ذروتها

بعد وفاة خديجة رضي الله عنها، لم يعد في بيت النبي ﷺ صوت يخفف عنه تعب الأيام، ولا حضن يملأ قلبه بالسكينة بعد عودة من مواجهة قريش. كانت تلك الخسارة وحدها كفيلة بكسر أي قلب؛ فكيف إذا تبعها بفترة قصيرة وفاة أبي طالب، الحصن الأخير الذي كان يقف أمام بطش المشركين؟

حين مات أبو طالب، تجرّأت قريش فأرسلت إليه أسوأ ما في نفوسها؛ كانوا يعترضون طريقه، ويضايقونه عند الكعبة، ويرمونه بالكلمات الجارحة التي تجرح القلب أكثر مما تجرح الجسد. كان النبي ﷺ يعيش في مكة بلا ظهر، بلا حماية، بلا خديجة، وبلا أبي طالب… ومع ذلك كانت الدعوة التي بين يديه أكبر من كل هذا الألم.

اشتد الأذى لدرجةٍ جعلت كل يوم في مكة أصعب من الذي قبله. وهنا بدأ النبي ﷺ يفكر بعمق:
هل ستبقى الدعوة محاصرة في هذه المدينة التي أغلقت قلوب أهلها؟
هل هناك مكان آخر يمكن أن يحمل نور الإسلام في بداياته؟

هنا بدأت فكرة الطائف تنمو وتكبر في قلبه.

2️⃣ قرار الرحيل: خروج النبي ﷺ من مكة وهو يحمل همّ الدعوة وجراح القلب

لم يكن قرار الذهاب إلى الطائف قرارًا سهلاً، بل كان قرارًا مصيريًا. خرج النبي ﷺ سرًا، دون ضجيج، دون أهل، دون قبيلة تحوطه، فقط هو وزيد بن حارثة رضي الله عنه.
كان زيد في هذه الرحلة أشبه بالابن الوفي الذي يتفانى في حماية النبي ﷺ، خاصة بعد أن رأى حجم الألم الذي يحمله في صدره من فقد الأحبة وضغط قريش.

غادرا مكة عبر طرق جبلية وعرة، تتخللها الوديان والصخور الحادة. كانت الناقة تمضي بهدوء، ولكن الرحلة كانت ثقيلة على النفس.
تصف كتب السيرة أن الطريق إلى الطائف كان طويلًا، يمتد لأيام، لا ظل فيه إلا ظل الجبال، ولا نسيم إلا نسيم الصحراء الباردة ليلًا والحارة نهارًا.

ومع كل خطوة في الطريق، كان النبي ﷺ يحاول أن يضيّق المسافة بين حلمه وبين الواقع، يبحث عن قلوب ربما تكون أرحم من قلوب قريش، يبحث عن قبيلة تستمع… أو على الأقل لا تسخر.

3️⃣ مشهد الناقة والهودج المضيء: أمل يتحرك وسط صخور العهد المكي

كانت الناقة تسير بين جبال الحجاز، بخطوات ثابتة رغم قسوة الطريق. وفوقها هُودج خفيف ينفذ منه نور، رمزًا لسكينة الله التي كانت ترافق النبي ﷺ في رحلته.
هذا الهودج لم يكن رفاهية، ولا كان منظرًا، بل كان رمزًا للرحمة الإلهية التي تحيط بالنبي ﷺ رغم الجراح التي ما تزال تنزف.

كان المشهد مهيبًا:
– سماء تميل إلى الاحمرار عند الغروب.
– طرق صخرية ضيقة تطول بلا نهاية.
– ناقة تسير في صمت إلا من وقع خطواتها على الرمال.
– وهودج يفيض نورًا، كأنه يقول: لن يُطفئ الألم نور الرسالة.

هذه كانت بداية رحلة الطائف… بداية الألم الذي سيولد منه أعظم أمل في الدعوة.


🕌 وصول النبي ﷺ إلى الطائف: بداية الدعوة لقوم ثقيف

1️⃣ اختيار ثقيف لأنها من أقوى قبائل الحجاز

اختار النبي ﷺ الطائف لأن ثقيف كانت واحدة من أقوى القبائل في الحجاز بعد قريش، ولها مكانة اقتصادية وسياسية كبرى.
وكان النبي ﷺ يهدف إلى ثلاثة أمور صحيحة تاريخيًا:

  1. أن يجد من يحمي الدعوة بعد موت أبي طالب.
  2. أن يجد من يؤمن أو يستمع للرسالة.
  3. أن يبني قاعدة جديدة للدعوة خارج مكة.

ثقيف كان لها نفوذ بين العرب، وإذا قبلت الإسلام، سيصبح للإسلام سند قوي في قلب الجزيرة.

2️⃣ لقاء النبي ﷺ بثلاثة من سادة ثقيف

تصف كتب السيرة — خصوصًا ابن هشام — أن النبي ﷺ توجه مباشرة إلى أشراف ثقيف وهم ثلاثة:

  • عبد ياليل بن عمرو
  • مسعود بن عمرو
  • حبيب بن عمرو

عرض عليهم الإسلام ودعاهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن ردّهم كان قاسيًا ومخيبًا للآمال.
لم يستجيبوا للحق، بل وصل بهم الأمر إلى السخرية من النبي ﷺ.

وبحسب الروايات الصحيحة:
– قال أحدهم ساخرًا: “أما وجد الله أحدًا يرسله غيرك؟”
– وقال الآخر: “لئن كنت نبيًا فأنت أعظم خطرًا من أن أكلمك…”
– وقال الثالث: “…ولئن كنت تكذب على الله فلا ينبغي أن أكلمك.”

كان ذلك من أشد ما واجهه النبي ﷺ من كلمات مؤذية.

3️⃣ ردّ فعل ثقيف: رفض الدعوة والتحريض ضد النبي ﷺ

بعد رفض الأشراف، لم تكتفِ ثقيف بالإعراض فقط، بل قاموا — كما تذكر الروايات الصحيحة — بتحريض سفهائهم وصبيانهم ليتعرضوا للنبي ﷺ بالرمي والسخرية أثناء خروجه من المدينة.


🩸 إيذاء المشركين في الطائف: رمي الحجارة ومطاردة النبي ﷺ وزيد بن حارثة

1️⃣ تحريض السفهاء والصبيان على النبي ﷺ أثناء خروجه من الطائف

بعد أن رفض سادة ثقيف دعوة النبي ﷺ، لم يكتفوا بالرد القاسي، بل اتخذوا موقفًا عدائيًا مؤلمًا. فقد حرّضوا السفهاء والعبيد والصبيان ليطاردوا النبي ﷺ ويرموه بالحجارة وهم يخرجون من المدينة.
وبحسب الروايات الصحيحة في ابن هشام والرحيق المختوم، كان هذا الإيذاء العنيف من أسوأ ما تعرض له النبي ﷺ في حياته المكيّة، حتى قال بعد سنوات:
«ما لقيت من قومٍ ما لقيت من ثقيف».

كان المشهد مأساويًا:
– النبي ﷺ يمشي ثابتًا رغم الألم.
– الصبيان يرمونه بالحجارة من الجانبين.
– السفهاء يتابعونه بالسخرية والإيذاء.
– صدى الضحكات المؤذية يملأ الطريق.

2️⃣ زيد بن حارثة يتلقى الحجارة دفاعًا عن النبي ﷺ

وقف زيد بن حارثة رضي الله عنه كالدرع أمام النبي ﷺ، يحاول أن يصدّ عنه الحجارة بجسده. وتذكر كتب السيرة أن زيدًا أصيب إصابات بالغة، وكانت جراحه أكثر من جراح النبي ﷺ، لأنه كان يحاول حماية رسول الله ﷺ بكل ما يملك من قوة ووفاء.

صحيح تاريخيًا: لم يذكر في السيرة أن زيدًا انهار أو استسلم، بل صبر وثبت وواصل حماية النبي ﷺ حتى وصلا إلى خارج الطائف.

3️⃣ سقوط النبي ﷺ من شدة الجراح وتلطّخ قدميه بالدماء

تذكر الروايات المعتمدة أن النبي ﷺ كان يُضرب بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفتين.
ومع كل ذلك، لم يردّ أذى بأذى، ولم يدعُ على أحد، بل ظل صابرًا، محتسبًا، رافعًا قلبه إلى السماء.

كان هذا المشهد نقطة الذروة في رحلة الألم… لكنه أيضًا كان بداية ظهور أعظم دعاء في الابتلاء الإنساني.


🌿 لقاء الرحمة وسط الألم: كرم عُتبة وشيبة مع النبي ﷺ بعد خروجه الجريح من الطائف

1️⃣ لحظة الانهيار خارج الطائف… ثم لمسة رحمة غير متوقعة

بعد مطاردة طويلة بالحجارة، خرج النبي ﷺ من الطائف جريحًا ومتعبًا، والدم يسيل من قدميه الشريفتين. كان يمشي بصعوبة، وبجواره زيد بن حارثة يحاول أن يسنده، وكلاهما يلتقط أنفاسه بعدما ضاق صدرهما من قسوة القوم.
وبين بستانين عند أطراف المدينة، جلس النبي ﷺ تحت ظل شجرة عنب يستريح قليلًا من شدة الألم.

كانت تلك اللحظة واحدة من أكثر لحظات حياته إنهاكًا…
قلبه مكسور، جسده مثقل بالجراح، وروحه تبحث عن رحمة بعد موجات من الأذى والسخرية.

2️⃣ عتبة وشيبة يلمحان النبي ﷺ الجريح… وقرار الرحمة

كان البستان ملكًا لعتبة وشيبة ابني ربيعة، وقد لاحظا النبي ﷺ وهو يجلس جريحًا متعبًا، وقد بدا عليه أثر الإعياء الشديد. لم يعجبهم ما فعله قوم ثقيف به، ولم يرتضوا أن يُعامل بهذه القسوة وهو ضيف بينهم.

فأرسلا إليه غلامهما عدّاس يحمل طبقًا من العنب؛
كانت لفتة رحمة وسط بحر من الألم، وكأن الله أرسل إليه هذه الهدية في لحظة احتياج شديد.

3️⃣ عدّاس… وغصّة الدهشة التي غيّرت مسار اللحظة

اقترب عدّاس بهدوء ووضع العنب بين يدي النبي ﷺ، فمدّ رسول الله يده وقال:
«بسم الله»
فتوقف عدّاس لحظة، مندهشًا؛ فهذه الكلمة لم يكن أهل الطائف يقولونها.
بدأ يتحدث مع النبي ﷺ، وزاد قربه منه، وتحوّلت اللحظة من مجرد تقديم طعام إلى حوار روحي أثر فيه بشدة.

يذكر أن عدّاس ترك البستان بعد قليل وهو يُقبّل رأس النبي ويديه وقدميه، تأثرًا بما سمع ورأى.

4️⃣ نفحة أمل في قلب مثخن بالجراح

بعد هذا اللقاء، نَهَض النبي ﷺ وقد خفّ عنه جزء من الألم. لم يزُل الأذى، لكن تلك اللمسة الإنسانية في قلب العاصفة كانت كافية لتعيد إلى روحه دفقة من السكينة.

كانت هذه اللحظة رسالة غير مباشرة:
أن الرحمة يمكن أن تأتي من حيث لا يتوقع الإنسان…
حتى في أصعب لحظات الدعوة، لم يكن النبي ﷺ وحيدًا.


🌧️ الدعاء العظيم: اللحظة التي وقف فيها النبي ﷺ يناجي ربه وسط جراح الطائف

1️⃣ حين ضاقت الأرض… لم يجد النبي ﷺ إلا السماء

بعد أن جلس النبي ﷺ في البستان ليلتقط أنفاسه من ألم الحجارة والجراح، وبعد لقاء عدّاس الذي أعاد قليلًا من الدفء إلى قلبه، وقف رسول الله ﷺ ينظر إلى السماء.
لم يكن حوله أحد…
لا خديجة لتواسيه،
ولا أبو طالب ليحميه،
ولا أهل ليستمعوا إليه.

كان وحده…
لكن قلبه كان مليئًا باليقين.

رفع يديه، والدم يسيل من قدميه، والغبار يملأ ثيابه، وازدحمت اللحظة بالدموع والدعاء، فخرج منه ذلك الدعاء الخالد الذي سيبقى محفورًا في ذاكرة الأمة إلى الأبد.

2️⃣ الدعاء الذي عبّر عن قمة الضعف وقمة القوة في آن واحد

لم يكن الدعاء مجرد كلمات، بل كان صرخة روح، واعترافًا بالضعف بين يدي الله، وقمة القوة في الثبات على الرسالة.
قال ﷺ في دعاء يهزّ القلوب:

«اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس…
يا أرحم الراحمين، أنت ربُّ المستضعفين، وأنت ربي…
إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي…
ولكن عافيتك هي أوسع لي…
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات…
لك العتبى حتى ترضى… ولا حول ولا قوة إلا بك.»

كان هذا الدعاء أعظم ما قيل في لحظة ابتلاء.
كلمات تخرج من قلب جريح، لكنها تحمل نورًا يكاد يبدد ظلام الدنيا كله.

3️⃣ دعاء غيّر مسار الرحلة… وقلب الموازين

بعد الدعاء، لم يتغير أهل الطائف، ولم يختفِ الأذى فجأة…
لكن شيئًا عظيمًا تغيّر داخل النبي ﷺ.
عاد قلبه قويًا، ثابتًا، مطمئنًا، وكأنه خرج من الطائف لا بخطوات الجسد، بل بخطوات الروح.

كان هذا الدعاء بداية الفرج…
ومن بعده جاءت بشائر السماء:
ملَك الجبال، ثم الإسراء والمعراج، ثم لقاء أنصار المدينة…
ثم الهجرة التي ستغيّر وجه التاريخ.

كان الدعاء هو الجسر بين الألم والفتح.


🕊️ العودة من الطائف: سكينة بعد العاصفة ورحلة شاقة نحو مكة

1️⃣ بعد الدعاء… انطفأت حرارة الألم واشتعل نور السكينة

عندما انتهى النبي ﷺ من دعائه العظيم، شعر وكأن كل الجراح التي في جسده أصبحت أخفّ، وأن الحمل الثقيل الذي على صدره بدأ يهدأ.
لم تتغيّر الأرض، ولم تتغيّر الطائف، ولكن تغيّرت روحه؛ فقد امتلأت بنور الصبر والطمأنينة التي لا يمنحها إلا الله بعد لحظات الانكسار.

وقف من تحت تلك الشجرة، ومسح الدم عن قدميه الشريفتين، واستعد للمغادرة في صمت، وقد بدا على وجهه — الذي لم تُظهره السيرة — أثر السكينة التي نزلت عليه.

2️⃣ لحظة ملك الجبال… عرض الانتقام الذي رفضه النبي ﷺ

وفي طريق خروجه من الطائف، جاءه جبريل عليه السلام يخبره أن الله قد سمع ما قاله أهل الطائف، وأن ملَك الجبال حاضر لينفذ أمر الله إن شاء النبي ﷺ.

جاء ملك الجبال وقال له:

إن شئتَ أطبقتُ عليهم الأخشبين — أي الجبال التي تُطبق على الطائف.

كان ذلك العرض فرصة للانتقام من قوم آذوه وآذوا رسالته.
لكن النبي ﷺ وقف بعظمة النبوة، وقال كلمته الخالدة:

«بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا.»

كان هذا الموقف قمة الرحمة…
الرحمة التي تغلب على الغضب، والإيمان الذي يتجاوز الجراح.

3️⃣ رحلة العودة إلى مكة… خوف من عدم دخولها وحماية من السماء

تابع النبي ﷺ رحلته مبتعدًا عن الطائف، لكن العودة إلى مكة لم تكن آمنة بعد؛ فقد خرج من غير حماية، وقريش قد لا تسمح له بالدخول مرة أخرى.

وقف النبي ﷺ في مكان يُسمّى “نخلة”، وبدأ يسأل القبائل في الطريق أن يمنحوه الأمان للدخول إلى مكة.
حتى استجاب له المطعم بن عدي، فأرسل أبناءه ليحموه حتى يدخل بأمان إلى قلب مكة.

دخل النبي ﷺ مكة وهو مرفوع الرأس…
ليس لأن جراحه قد شُفيت، بل لأن قلبه أصبح أقوى مما كان قبل رحلة الطائف.

وكانت هذه العودة بداية مرحلة جديدة ستتوالى فيها البشائر.


🌅 من الألم إلى الأمل: كيف أصبحت الطائف نقطة التحوّل الكبرى في مسار الدعوة؟

1️⃣ رحلة الطائف لم تكن نهاية… بل بداية مرحلة جديدة ومختلفة

قد يظن البعض أن رحلة الطائف كانت أسوأ محطات الدعوة، لكنها في الحقيقة كانت الشرارة التي سبقت أعظم الفتوحات الروحية والمعنوية في حياة النبي ﷺ.
فعندما عاد رسول الله ﷺ إلى مكة، لم يعد كما خرج؛ خرج مثقلًا بالجراح، لكنه عاد بقلب قوي، وروح منفتحة على المستقبل، وعين ترى ما وراء الألم.

في الطائف، ظن الأعداء أنهم أهانوا النبي ﷺ، لكن ما حدث في الحقيقة هو أن الله كان يعدّه لمرحلة قادمة تحتاج صبرًا وقوة أكبر من كل ما سبق.

2️⃣ من بعد الجراح جاءت المنحة: بدايات بشائر السماء

بعد فترة قصيرة من عودته إلى مكة، بدأت سلسلة أحداث عظيمة تغيّر مستقبل الدعوة:
– بدأت لقاءات النبي ﷺ بالقبائل في مواسم الحج، وبدأ يسمع منهم قبولًا أكبر.
– وفي عام لاحق، حدث الإسراء والمعراج، الحدث الذي أعاد القوة إلى روح النبي ﷺ بطريقة لم يعرفها التاريخ من قبل.
– ثم جاء التواصل الأول مع أهل المدينة المنورة، لتبدأ منهم شرارة الهجرة وبناء الدولة.

كل هذا جاء بعد الطائف
بعد الألم، بعد الدماء، بعد الدعاء العظيم الذي هزّ السماء.

رحلة الطائف إذًا كانت فصلًا من الابتلاء… لكنه كان الفصل الذي سبق النور.

3️⃣ ما بعد الطائف… لم يعد شيء كما كان

كان النبي ﷺ قد خرج يبحث عن نصير فلم يجده، لكن الله فتح له قلوبًا في مكان آخر، أبعد، وأطهر…
قلوب الأنصار في المدينة.

كانت الطائف درسًا عظيمًا في الثبات، والصبر، ورؤية ما وراء اللحظة…
والنبي ﷺ خرج منها وهو يعلم أن الطريق قد يطول، لكن النهاية ستكون نورًا، وأن الهجرة باتت أقرب مما يتخيل الجميع.


الأسئلة الشائعة حول رحلة الطائف

1. لماذا ذهب النبي ﷺ إلى الطائف أصلًا؟

ذهب النبي ﷺ إلى الطائف بعدما فقد السند في مكة وبعد تضاعف إيذاء قريش، بحثًا عن قبيلة تستمع إلى الدعوة أو تمنحه حماية تساعده على الاستمرار. كان يبحث عن قلوب أكثر رحمة من قلوب قريش… لكن ما وجده كان العكس تمامًا.

2. ماذا فعلت ثقيف بالنبي ﷺ عندما وصل إلى الطائف؟

استقبل سادة ثقيف النبي ﷺ بالسخرية والرفض، ثم حرّضوا السفهاء والصبيان على رميه بالحجارة.
خرج النبي ﷺ من المدينة والدم يسيل من قدميه، في واحدة من أقسى اللحظات في حياته.

3. من هو عدّاس؟ ولماذا أثرت قصته في رحلة الطائف؟

عدّاس غلام نصراني يعمل عند عتبة وشيبة.
أُرسل إليه ليساعد النبي ﷺ بعنب، لكنه تأثر بكلماته ولطفه، فجلس معه واستمع إليه، ثم قبّل رأسه ويديه وقدميه، في لحظة كانت بمثابة نفحة رحمة وسط بحر من القسوة.

4. ما هو الدعاء العظيم الذي قاله النبي ﷺ في الطائف؟

قال النبي ﷺ دعاءً خلدته الأمة:
«اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس… إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي… ولكن عافيتك هي أوسع لي… لك العتبى حتى ترضى… ولا حول ولا قوة إلا بك.»
كان هذا الدعاء قمة الخضوع وقمة القوة في آن واحد.

5. لماذا لم يوافق النبي ﷺ على الانتقام من أهل الطائف؟

عندما عرض عليه ملك الجبال أن يطبق على أهل الطائف الجبال، رفض النبي ﷺ وقال:
«بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده.»
كان هذا درسًا خالدًا في الرحمة، وأن القسوة لا تعالج بالقسوة.

6. ما الفائدة الكبرى التي خرج بها النبي ﷺ من رحلة الطائف؟

خرج النبي ﷺ من الطائف أكثر قوة وأعمق صبرًا، وبعدها بدأت مرحلة جديدة من البشائر: الإسراء والمعراج، ثم التعرف على أهل المدينة، ثم الهجرة التي غيّرت التاريخ.

7. هل كانت الطائف بداية الطريق للهجرة؟

نعم…
فبعد الطائف بدأ النبي ﷺ يبحث عن أرض جديدة للدعوة، وبدأت بوادر التعرف على الأنصار.
كانت رحلة الطائف بداية الطريق الذي سيقود إلى المدينة.


📝 الخاتمة: رحلة الطائف… حين يرى القلب أبعد من الألم

كانت رحلة الطائف واحدة من أكثر المحطات قسوة في حياة النبي ﷺ، لكنها في الوقت نفسه كانت واحدة من أكثرها نورًا.
خرج النبي ﷺ منها جريحًا، خائر الجسد، مثخن الروح… لكنه خرج أيضًا أكثر صبرًا، وأشد قوة، وأعمق يقينًا بأن الله لا يترك عبده مهما اشتدت الظلمة.

من بين الحجارة والدماء، ورفض ثقيف، وسخرية الصبيان… ظهر دعاء يهزّ القلوب عبر التاريخ، وجاءت لحظة الرحمة مع عدّاس، ولحظة الاختبار مع ملك الجبال، ولحظة العودة إلى مكة بحماية رجلٍ لم يؤمن لكنه احترم الحق.

رحلة الطائف لم تكن سقوطًا، بل كانت جسرًا نحو المستقبل:
بعدها سيحدث الإسراء والمعراج، وسيبدأ النبي ﷺ يلتقي بأهل المدينة، وستنطلق الدعوة نحو أقوى مراحلها.
هكذا دائمًا… بعد كل محنة، يولد في الأفق أمل جديد.

أسئلة للقارئ

  1. ما أكثر موقف أثّر فيك من أحداث رحلة الطائف؟
  2. هل ترى أن الدعاء العظيم كان نقطة التحوّل الروحية في الرحلة؟
  3. ماذا نتعلم اليوم من صبر النبي ﷺ أمام القسوة والرفض؟

📣 دعوة للمشاركة

إذا أعجبك المقال…
شاركه مع من تحب، فربما يفتح في قلب أحدهم بابًا للخشوع والتأمل في أعظم لحظات السيرة النبوية.


📚 المصادر التاريخية

المرجعالمؤلفملاحظات مختصرة
السيرة النبويةابن هشامأقدم وأشهر مصادر أحداث الطائف والعهد المكي
طبقات ابن سعدمحمد بن سعديروي تفاصيل خروج النبي ﷺ وزيد بن حارثة إلى الطائف
البداية والنهايةابن كثيريعرض سردًا متكاملاً عن رحلة الطائف والدعاء العظيم
الرحيق المختومصفي الرحمن المباركفوريتلخيص دقيق لأحداث الطائف والعودة إلى مكة
دلائل النبوةالبيهقييذكر مواقف النبي ﷺ مع ملك الجبال وعدّاس
تاريخ الطبريالطبرييعرض تسلسلًا تاريخيًا شاملاً للمرحلة المكية

📝 ملاحظة عصور ذهبية

جميع المعلومات الواردة في هذا المقال تمت مراجعتها وفق أهم مصادر السيرة النبوية، مع صياغة حديثة وسرد قصصي متناسق يناسب القارئ العصري ويحقق أفضل أداء لمحركات البحث.



عصور ذهبية
عصور ذهبية
تعليقات