📁 آخر الأخبار

الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون بين قوة الدولة وضعف السلطان

عرشٌ بلا أنياب: لماذا لم يصمد الملك الصالح إسماعيل في حكم دولة قوية؟

لم يكن جلوس الملك الصالح عماد الدين إسماعيل على عرش الدولة المملوكية تتويجًا طبيعيًا لمسار قوةٍ متصاعد، بل كان بداية لاختبارٍ قاسٍ كشف هشاشة الحكم بعد عصرٍ طويل من الصلابة.
فالسلطان الشاب لم يرث دولةً منهكة ولا عرشًا مهددًا من الخارج، بل ورث كيانًا سياسيًا وعسكريًا بناه واحد من أعظم سلاطين المماليك: الناصر محمد بن قلاوون.
ومع ذلك، لم يطل به المقام، وسقط حكمه سريعًا، كأن العرش الذي جلس عليه كان بلا أنياب.

هنا يفرض التاريخ سؤاله الحقيقي:
كيف يفشل سلطان في حكم دولة قوية؟
هل كان الخلل في شخص الملك الصالح إسماعيل نفسه؟
أم أن القوة التي بدت راسخة في ظاهر الدولة كانت قد تآكلت من الداخل، حتى صارت السلطة مجرد صورة بلا جوهر؟

جاء إسماعيل إلى الحكم في لحظة فارقة، بعد وفاة سلطانٍ هيمن طويلًا على مفاصل الدولة، فترك فراغًا لم تملأه المؤسسات، بل تسابقت لابتلاعه مراكز القوى.
أمراء مماليك اعتادوا التحكم،
ودولة أنهكتها الصراعات داخل البيت القلاووني،
وسلطان شاب وجد نفسه حاكمًا بالاسم… ومحكومًا بالفعل.

لم يكن الملك الصالح إسماعيل غافلًا عن حجم التحديات، ولا عديم المحاولة في إصلاح ما يمكن إصلاحه، لكنه واجه واقعًا أشد قسوة:
دولة لم تعد تُدار من القلعة،
وسلطة لم تعد تُحسم باللقب،
وحكم لا يصمد فيه من لا يملك أدوات الردع.

تصوير فني للملك الصالح إسماعيل بن قلاوون جالسًا على العرش في زمن الاضطرابات السياسية بالدولة المملوكية
تصوير فني تاريخي يجسد الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون جالسًا على عرش الحكم في أجواء قاتمة تعكس الاضطرابات السياسية والصراعات الداخلية التي شهدتها الدولة المملوكية خلال فترة حكمه القصيرة، مع خلفية لمدينة تعصف بها الفوضى والنيران.

🏹 من ظلال العظمة إلى اختبار الحكم: نشأة الملك الصالح إسماعيل وبدايات السلطنة

⚔️ابن السلطان… لا ابن الدولة – النشأة داخل قصر الناصر محمد

وُلد الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون سنة 733هـ / 1333م،
لا في زمن فوضى ولا وسط انهيار،
بل في قلب واحدة من أقوى مراحل الدولة المملوكية،
حين كان والده السلطان الناصر محمد بن قلاوون قد أحكم قبضته على الحكم،
وسيطر على الأمراء،
وأعاد للدولة هيبتها في الداخل والخارج.

نشأ إسماعيل داخل قصرٍ مستقر ظاهريًا،
لكن هذا الاستقرار كان خادعًا.
فالسلطة التي أمسك بها الناصر محمد بيدٍ من حديد،
لم تُورَّث كمؤسسة،
بل ارتبطت بشخصه وحده.

تلقّى الأمير الصغير تعليمه داخل البلاط السلطاني،
وتدرّب على الفروسية،
وتعلّم آداب الحكم،
واستمع إلى مجالس السياسة،
لكن دون أن يُدفَع إلى قلب الصراع الحقيقي.

ففي عهد أبيه،
لم يكن للأبناء دور،
ولا للأمراء مجال للتمرد،
ولا للسلطة وجهٌ آخر غير وجه السلطان نفسه.

وهنا تكمن المفارقة:

نشأ إسماعيل في دولة قوية… لكنه لم يتعلّم كيف تُدار دولة مضطربة.

👑سلطان شاب بعد غياب العمود الفقري للدولة

عندما توفي الناصر محمد سنة 741هـ / 1341م،
لم يترك خلفه نظامًا متماسكًا بقدر ما ترك فراغًا سياسيًا هائلًا.
فراغًا سرعان ما تنازعت عليه أجنحة الأمراء،
وأبناء السلطان،
وقوى البلاط الخفية.

لم يصل إسماعيل إلى العرش مباشرة،
بل سبقه إخوته،
وتعاقبت العزلات والانقلابات داخل البيت القلاووني،
حتى جاء دوره سنة 743هـ / 1342م.

جلس إسماعيل على العرش شابًا،
يحمل اسمًا ثقيلًا،
ويرث دولة تبدو قوية في ظاهرها،
لكنها فقدت توازنها الحقيقي برحيل صانعها.

لم يكن سلطانه وليد تجربة طويلة،
ولا نتيجة صعود متدرّج،
بل جاء في لحظة ارتباك،
كان فيها الأمراء قد استعادوا شهيتهم للسيطرة،
وأصبح العرش هدفًا… لا مركز حكم.

وهكذا بدأ عهد الملك الصالح إسماعيل،
لا كامتداد طبيعي لعصر أبيه،
بل كاختبارٍ قاسٍ
لسلطانٍ نشأ في ظل القوة…
ثم طُلِب منه أن يحكم في زمنٍ بلا سند.


🏹 من قصر الاستقرار إلى عرش الاضطراب: نشأة الملك الصالح إسماعيل وبدايات الحكم

⚔️ ابن السلطان القوي… والنشأة في ظل دولة مستقرة

وُلد الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون سنة 733هـ / 1333م،
لا في زمن اضطراب ولا وسط صراع دموي على السلطة،
بل في ذروة استقرار الدولة المملوكية،
حين كان والده السلطان الناصر محمد بن قلاوون قد أحكم سيطرته على الحكم،
وكسر شوكة الأمراء،
وأعاد للدولة توازنها وهيبتها.

نشأ إسماعيل داخل القلعة في بيئةٍ آمنة سياسيًا،
لم يعرف فيها صراعات العزل،
ولا مؤامرات البلاط التي صقلت شخصية أبيه في صغره.
كان الحكم مستقرًا،
والقرار مركزيًا،
والسلطان واحدًا لا يُنازَع.

تلقّى الأمير الصغير تعليمه داخل البلاط السلطاني،
فتعلّم الفروسية،
وتدرّب على فنون القتال،
وتشرّب قواعد الإدارة والحكم،
في إطارٍ من النظام والانضباط الذي فرضه الناصر محمد على الدولة.

لكن هذه النشأة، على قوتها الظاهرة،
كانت تحمل في داخلها نقصًا خفيًا؛
فإسماعيل تعلّم كيف تُدار دولة مستقرة،
ولم يتعلّم كيف تُمسك دولة مضطربة بقبضة حديدية.

👑 من ظل الأب إلى مواجهة الواقع… سلطان بلا تجربة صراع

عندما توفي الناصر محمد سنة 741هـ / 1341م،
لم يكن رحيله مجرد وفاة سلطان،
بل كان اختفاء العمود الذي استندت عليه الدولة سنوات طويلة.

سرعان ما عادت التوازنات القديمة إلى الظهور،
وتحرّكت طموحات الأمراء،
وتحوّل العرش إلى هدف تتنازعه القوى المختلفة داخل البيت القلاووني.

لم يصل إسماعيل إلى الحكم فورًا،
بل تعاقب إخوته على السلطنة،
وتبدّلت الموازين سريعًا،
حتى تولّى الحكم سنة 743هـ / 1342م،
في مناخٍ سياسي لم يعد يشبه البيئة التي نشأ فيها.

جلس السلطان الشاب على العرش،
وهو يحمل اسمًا ثقيلًا،
ويرث دولة واسعة النفوذ،
لكنها لم تعد خاضعة كما كانت في عهد أبيه.

لم يكن إسماعيل ضعيف الطموح،
ولا غافلًا عن مسؤولية الحكم،
غير أن انتقاله المفاجئ من ظل الاستقرار
إلى قلب الصراع السياسي
جعله يواجه واقعًا لم يُهَيَّأ له كامل التهيئة.

وهكذا بدأت سلطنة الملك الصالح إسماعيل،
لا كامتداد طبيعي لعصر القوة،
بل كاختبارٍ صعب
لسلطان نشأ في زمن النظام
وحُكم عليه أن يحكم في زمن الانقسام.


⚔️عودة الأمراء إلى الواجهة – حين فقد العرش مركزه الحقيقي

ما إن استقر الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون على عرش السلطنة، حتى تبيّن أن التحدي الأكبر لا يأتي من خارج الدولة، بل من داخلها.
ففي غياب القبضة القوية التي فرضها والده لسنوات طويلة، عاد الأمراء المماليك إلى المسرح السياسي لاعبِين أساسيين، لا أعوانًا للسلطان كما كان الحال من قبل.

كانت الدولة المملوكية، في ظاهرها، ما تزال قوية البنية،
لكن ميزان القوة داخلها قد اختل.
الجيش في يد الأمراء،
والولاءات موزّعة،
والقرار لم يعد يُصاغ في القلعة وحدها.

وجد إسماعيل نفسه محاطًا بطبقة من الأمراء اعتادوا التدخل في شؤون الحكم،
يراقبون السلطان،
ويختبرون حدوده،
وينتظرون أي تعثّر ليُوسّعوا نفوذهم.
وفي مثل هذا المناخ، لم يعد السلطان هو صاحب الكلمة الفصل،
بل أحد أطراف معادلة معقّدة.

حاول الملك الصالح إسماعيل أن يسير بحذر،
فلا يصطدم بالأمراء دفعة واحدة،
ولا يفتح جبهات داخلية مبكرة،
لكن هذا الحذر فُسّر ضعفًا،
وأتاح لمراكز القوى أن تزداد جرأة يومًا بعد يوم.

ومع كل قرارٍ مؤجَّل،
وكل حسمٍ غائب،
كانت هيبة العرش تتآكل تدريجيًا،
حتى بات السلطان يُحاط بالشكوك،
لا بالولاء.

ففي الدولة المملوكية،
من لا يفرض سلطته سريعًا، يجد نفسه محاصرًا قبل أن يُمسك بزمام الحكم.

وهكذا، تحوّل عهد الملك الصالح إسماعيل، منذ مراحله الأولى،
من محاولة تثبيت الحكم
إلى صراعٍ صامت مع الأمراء،
صراع لم تكن أدواته قد اكتملت بعد.

ومن هنا بدأت الأزمة تتخذ شكلها الواضح،
أزمة سلطانٍ يحمل لقب الحكم،
بينما تتحرك السلطة الفعلية في اتجاهٍ آخر.


💰 إصلاحات في زمنٍ هشّ – حين سبق الانهيارُ محاولاتِ الإنقاذ

لم يدخل الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون الحكم بعقلية المتفرّج،
ولا اكتفى بدور السلطان الاسمي،
بل حاول – قدر ما أتيح له – أن يُعيد ضبط إيقاع الدولة التي بدأت تفقد توازنها.

كانت الأوضاع الاقتصادية قد تأثرت بتقلبات الحكم بعد وفاة الناصر محمد،
وتزايد نفوذ الأمراء على حساب الخزانة السلطانية،
وتداخلت المصالح الخاصة مع شؤون الدولة.
وفي هذا المناخ، أدرك إسماعيل أن استمرار الفوضى المالية يعني انهيار الحكم من جذوره.

سعى السلطان إلى إعادة تنظيم بعض الموارد،
ومحاولة ضبط الإنفاق،
وتقليص العبث بالأموال العامة،
لكن الإصلاح في دولةٍ منقسمة لم يكن مهمة سهلة.
فالقرار الاقتصادي، كما القرار السياسي،
لم يكن يمرّ دون اعتراض،
ولا يُنفّذ دون مساومة.

لم تكن المشكلة في نية الإصلاح،
بل في توقيت الإصلاح.
فالدولة التي لم يُحسم فيها الصراع على السلطة،
لا تستقر فيها السياسات،
ولا تُثمر فيها القرارات طويلة المدى.

كما واجهت الدولة أزمات اقتصادية متراكمة،
زادت من معاناة العامة،
وأضعفت الثقة في الحكم،
ووسّعت الفجوة بين السلطان والشارع،
في وقتٍ كان فيه إسماعيل بأمسّ الحاجة إلى سندٍ شعبي يوازن نفوذ الأمراء.

وهكذا، وجد السلطان نفسه في مأزق مزدوج:
إصلاحات لا تكتمل،
وسلطة لا تُطاع،
وأزمة تتسع أسرع مما يمكن احتواؤها.

ففي الدولة المملوكية،
لا تنجح الإصلاحات ما لم تُحمَ بقوةٍ سياسية تحميها.

ومع تعثّر هذه المحاولات،
بدأت ملامح النهاية تلوح في الأفق،
نهاية لم تأتِ فجأة،
بل جاءت نتيجة مسارٍ طويل من التآكل الهادئ.


⚰️من العرش إلى العزل – سقوطٌ بلا مقاومة تُذكَر

لم يكن سقوط الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون حدثًا مفاجئًا،
ولا انقلابًا خاطفًا كما جرت العادة في تاريخ الدولة المملوكية،
بل كان نتيجة طبيعية لمسارٍ طويل من الضعف المتراكم.

فمع تعثّر الإصلاحات،
وتآكل هيبة العرش،
وتزايد نفوذ الأمراء،
أصبح وجود السلطان نفسه محلّ تساؤل داخل دوائر الحكم.

لم يعد إسماعيل يمثل مركز القرار،
ولا نقطة التقاء القوى المتصارعة،
بل صار عبئًا سياسيًا في نظر من اعتادوا التحكم في الدولة من خلف الستار.
وفي مثل هذه اللحظات،
لا يحتاج الأمراء إلى تبرير طويل للعزل،
فمجرد غياب القوة يكفي.

بدأت التحركات داخل القلعة بهدوء،
اجتماعات غير معلنة،
وتوافقات صامتة،
انتهت إلى قرارٍ واحد:
إقصاء السلطان دون الدخول في صدام مفتوح.

وفي سنة 746هـ / 1345م،
أُبعد الملك الصالح إسماعيل عن الحكم،
دون أن تُرفع السيوف دفاعًا عنه،
ودون أن يتحرّك الجيش لحمايته.
كان العزل سريعًا،
هادئًا في ظاهره،
لكنه قاسٍ في دلالاته.

فالسلطان الذي لا يملك أنصارًا، يسقط قبل أن يُخلَع.

تولّى الحكم بعده أخوه الملك الكامل شعبان،
لتستمر دائرة الاضطراب داخل البيت القلاووني،
وتتأكد حقيقة كانت قد بدأت تتضح منذ وفاة الناصر محمد:
أن الدولة المملوكية دخلت مرحلة يحكمها الأمراء،
لا السلاطين.

ولم يكن عزل إسماعيل نهاية أزمته،
بل بداية فصلٍ أكثر قتامة في حياته القصيرة.


⚔️ نهاية شابٍ في زمن التصفية – حين صار العزل حكمًا بالإعدام

لم يكن عزل الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون نهاية محنته،
بل كان بداية الفصل الأخير في حياةٍ قصيرة،
حكمتها قواعد قاسية لا ترحم من يفقد موقعه في هرم السلطة.

في الدولة المملوكية،
لم يكن العزل إجراءً إداريًا،
بل مخاطرة وجودية.
فالسلطان المعزول يظل رمزًا محتملًا،
واسمًا يمكن أن تلتف حوله الخصومات،
حتى وإن لم يملك قوة حقيقية.

لهذا لم يكن غريبًا أن تتحوّل الإطاحة بالسلطان الشاب
إلى تصفية سياسية مكتملة الأركان.
ففي عام 747هـ / 1346م،
قُتل الملك الصالح إسماعيل،
وهو في مطلع شبابه،
لتُطوى صفحته سريعًا،
دون محاكمة،
ودون فرصة لعودة محتملة.

لم يُقتل لأنه حاول استعادة الحكم،
ولا لأنه قاد تمردًا،
بل لأنه كان يمثل احتمالًا.
وفي زمنٍ تسوده الشكوك،
يُباد الاحتمال قبل أن يتحوّل إلى خطر.

هكذا كانت السياسة المملوكية:
من يخرج من دائرة القوة… لا يُترك طويلًا على الهامش.

وبرحيله،
لم تخسر الدولة سلطانًا قويًا،
ولا مشروعًا مكتملًا،
لكنها أكدت مرة أخرى
أن الحكم فيها لم يعد يستند إلى الكفاءة أو النَسَب،
بل إلى ميزان القوة المتقلّب داخل القلعة.

انتهت حياة إسماعيل سريعًا،
لكن قصته لم تكن بلا معنى.
فهي لم تكشف ضعف رجل بقدر ما كشفت
هشاشة نظامٍ دخل مرحلة يأكل فيها أبناءه،
ويعجز عن إنتاج سلاطين بحجم من سبقهم.


🧠 قراءة أخيرة في التجربة

لم يكن الملك الصالح إسماعيل أسوأ أبناء الناصر محمد،

ولا أضعفهم عقلًا أو نية،
لكنه كان ابن مرحلةٍ لم تعد تسمح بالتجربة،
ولا ترحم من يتأخر عن فرض نفسه.

حكم دولة قوية في ظاهرها،
مفككة في داخلها،
وجلس على عرشٍ ثقيل
لم يعد يمنح صاحبه القوة تلقائيًا.

وبين نشأةٍ هادئة،
وحكمٍ مضطرب،
ونهايةٍ دموية،
تتجسّد قصة سلطانٍ
لم يُهزم في معركة،
بل خسر صراعًا
لم يتعلّم قواعده مبكرًا.


❓ الأسئلة الشائعة عن الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون

🔹 من هو الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون؟

هو أحد سلاطين الدولة المملوكية، وابن السلطان الناصر محمد بن قلاوون، تولّى الحكم في فترة مضطربة بعد وفاة والده، وحكم مدة قصيرة اتسمت بصراعات داخلية وهيمنة الأمراء على السلطة.

🔹 متى تولّى الملك الصالح إسماعيل حكم الدولة المملوكية؟

تولّى السلطنة سنة 743هـ / 1342م، بعد سلسلة من العزلات والصراعات داخل البيت القلاووني، في مرحلة فقدت فيها الدولة توازنها الذي كان قائمًا في عهد الناصر محمد.

🔹 لماذا فشل الملك الصالح إسماعيل في تثبيت حكمه؟

لم يكن فشله نتيجة ضعف شخصي بقدر ما كان نتيجة:

  • عودَة نفوذ الأمراء المماليك
  • غياب القبضة السلطانية القوية
  • نشأته في ظل دولة مستقرة دون خبرة مبكرة بالصراع
  • وصوله للحكم في مرحلة انقسام سياسي حاد

🔹 هل حاول الملك الصالح إسماعيل القيام بإصلاحات داخل الدولة؟

نعم، حاول تنفيذ بعض الإصلاحات الإدارية والمالية، لكن هذه المحاولات واجهت صعوبات كبيرة بسبب:

  • ضعف سلطته الفعلية
  • تدخل الأمراء في شؤون الحكم
  • الأزمات الاقتصادية المتراكمة
وهو ما جعل الإصلاحات محدودة الأثر.

🔹 كيف تم عزل الملك الصالح إسماعيل عن الحكم؟

تم عزله سنة 746هـ / 1345م بقرار من الأمراء المماليك، دون مقاومة تُذكر، بعدما فقد الدعم السياسي والعسكري، وتولّى الحكم بعده أخوه الملك الكامل شعبان.

🔹 كيف كانت نهاية الملك الصالح إسماعيل بعد عزله؟

قُتل سنة 747هـ / 1346م بعد عزله بفترة قصيرة، في إطار سياسة التصفية السياسية التي كانت شائعة في العصر المملوكي، حيث كان يُنظر إلى السلاطين المعزولين باعتبارهم خطرًا محتملًا على الحكم.

🔹 ما الدرس التاريخي من تجربة حكم الملك الصالح إسماعيل؟

تُظهر تجربته أن:

  • النَسَب وحده لا يصنع سلطانًا
  • الدولة القوية تحتاج إلى حاكم يملك أدوات القوة لا لقبها فقط
  • غياب المؤسسات يجعل الحكم رهينة للصراعات الشخصية

وهي دروس تعكس التحوّل الذي شهدته الدولة المملوكية بعد وفاة الناصر محمد بن قلاوون.


🏁 الختام: سلطانٌ ورث القوة… وحكم زمن الانقسام

لم تكن تجربة الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون مجرد فصل عابر في تاريخ الدولة المملوكية،
بل كانت مرآة صادقة لمرحلةٍ بدأت فيها الدولة تفقد توازنها الذي صنعه والده الناصر محمد بن قلاوون على مدى عقود.

ورث إسماعيل دولة قوية في ظاهرها،
واسعة النفوذ،
راسخة الهيبة،
لكنه وجدها من الداخل دولةً تعود فيها السلطة تدريجيًا إلى أيدي الأمراء،
وتضعف فيها قبضة السلطان،
ويصبح العرش هدفًا للصراع لا مركزًا للحكم.

لم يكن فشله نتيجة ضعفٍ شخصي خالص،
ولا دليلًا على عجز أبناء السلاطين عن الحكم،
بل كان نتاج بيئة سياسية فقدت فيها الدولة مؤسساتها الجامعة،
وصار فيها ميزان القوة هو الحكم الفاصل.

وبين نشأةٍ هادئة في ظل الاستقرار،
وحكمٍ مضطرب بعد غياب العمود الفقري للدولة،
ونهايةٍ قاسية في زمن التصفية السياسية،
تجسّد حكم الملك الصالح إسماعيل كدرسٍ تاريخي بالغ الدلالة:
أن الدولة التي تقوم على الأشخاص أكثر من المؤسسات، تسقط بغيابهم، مهما بدا بنيانها قويًا.

🗣️ دعوة للنقاش: التاريخ يُفهم بالحوار

🔹 برأيك، هل كان فشل الملك الصالح إسماعيل حتميًا بعد وفاة الناصر محمد، أم أن الفرصة كانت لا تزال ممكنة لو امتلك قبضة أقوى على الحكم؟

🔹 إلى أي مدى تتحمّل بنية الدولة المملوكية نفسها مسؤولية سقوط السلاطين بعد عصر الناصر محمد؟

🔹 هل ترى أن أبناء السلاطين في التاريخ غالبًا ما يدفعون ثمن قوة آبائهم، أم أن الأمر مرتبط بظروف كل عصر؟

📢 شاركنا رأيك في التعليقات
فكل قراءة جديدة، وكل نقاش صادق، يُعيد إحياء فصلٍ من التاريخ… ويمنحه معنى أعمق.

✍️ إعداد: موقع عصور ذهبية


📚 جدول المصادر التاريخية عن حياة الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن قلاوون

مالمصدرالمؤلفنوع المصدرملاحظات
1بدائع الزهور في وقائع الدهورابن إياستاريخ مملوكي متأخرتناول أحداث الصراعات داخل القلعة ونهايات السلاطين
2النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرةابن تغري برديتاريخ عاممرجع أساسي لتراجم سلاطين المماليك بعد قلاوون
3السلوك لمعرفة دول الملوكالمقريزيتاريخ سياسي وإداريمصدر مهم لفهم تحوّلات الحكم وهيمنة الأمراء
4البداية والنهايةابن كثيرتاريخ إسلامي عاميذكر سياق العصر والأحداث الكبرى دون تفصيل إداري
5الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنةابن حجر العسقلانيتراجميوضح شخصيات العصر وتأثيرها السياسي
6صبح الأعشى في صناعة الإنشاالقلقشندينظم دولة وإدارةمرجع لفهم بنية الحكم والإدارة المملوكية
7تاريخ الدولة المملوكيةمحمد سهيل طقوشدراسة حديثةمصدر معاصر مرتب يوازن بين الروايات

📝 ملاحظة تاريخية

تم الاعتماد في هذا المقال على مصادر تاريخية معاصرة وقريبة من العصر المملوكي، إلى جانب دراسات حديثة، مع مراعاة المقارنة بين الروايات المختلفة، خاصة فيما يتعلق بفترة ما بعد وفاة السلطان الناصر محمد بن قلاوون، لما اتسمت به من اضطراب سياسي وتباين في تقييم الشخصيات.

✍️ إعداد: موقع عصور ذهبية



عصور ذهبية
عصور ذهبية
تعليقات