الظاهر بيبرس |
يُعتبر الظاهر بيبرس البندقداري من أعظم القادة الذين عرفهم التاريخ الإسلامي، حيث استطاع بمهارته الفائقة أن يحقق إنجازات عسكرية وإدارية عظيمة، وقلب موازين القوى في العالم الإسلامي خلال فترة حكمه. من عبد مملوك في بلاط السلاطين إلى سلطان قوي، تمكن بيبرس من قيادة الدولة المملوكية إلى قمة مجدها، مسطرًا صفحات من البطولات في تاريخ الإسلام. في هذا المقال، سنستعرض حياة هذا القائد العظيم، ونتتبع رحلته من العبودية إلى قمة السلطة، مع التركيز على أبرز المعارك والإنجازات التي ساهمت في صعود الدولة المملوكية.
النشأة والعبودية (620 هـ / 1223 م)
ولد الظاهر بيبرس حوالي عام 620 هـ / 1223 م في منطقة القوقاز بسهول بحر قزوين. كان من أصول تركية، وتم أسره في صغره وبيعه في أسواق العبيد. انتقل بيبرس إلى الشام حيث اشتراه السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب ليصبح جزءًا من نخبة القوات المملوكية. كانت هذه القوات تُعرف بقوتها وتدريبها العالي، حيث كانت تشكل العمود الفقري للجيش الأيوبي.
بيبرس في خدمة الصالح نجم الدين أيوب:
عند انضمامه إلى جيش الصالح نجم الدين أيوب، لفت بيبرس الأنظار بسرعة بسبب قوته وحنكته العسكرية. أصبحت القوات المملوكية تحت قيادة نجم الدين أيوب قوة لا يُستهان بها في المنطقة. وبمرور الوقت، بدأ بيبرس يتسلق سلم القيادة داخل الجيش بفضل إنجازاته وتفوقه على زملائه.
معركة المنصورة (648 هـ / 1250 م): نقطة التحول:
تعد معركة المنصورة التي وقعت في 8 فبراير 1250م (648 هـ) واحدة من المعارك الحاسمة في تاريخ الصراع بين الصليبيين والمسلمين، حيث كانت جزءاً من الحملة الصليبية السابعة التي قادها الملك الفرنسي لويس التاسع (الملقب بالقديس لويس) بهدف السيطرة على الأراضي المقدسة واستعادة بيت المقدس من المسلمين.
1_ خلفية المعركة:
في عام 1248م، انطلقت الحملة الصليبية السابعة بقيادة الملك لويس التاسع باتجاه مصر، حيث كان ينظر إلى مصر على أنها مفتاح للسيطرة على بلاد الشام. كانت الخطة الصليبية تتمثل في السيطرة على مدينة دمياط على الساحل الشمالي لمصر، ثم التحرك نحو العاصمة القاهرة. بالفعل، نجحت القوات الصليبية في الاستيلاء على دمياط في يونيو 1249م. ومع ذلك، لم يستطع لويس التاسع الاستفادة من هذا الانتصار بشكل كبير، حيث اتجه جنوباً نحو المنصورة، لكنه واجه مقاومة قوية من القوات المصرية.
2_ بدأ المعركة:
كان الجيش المصري في تلك الفترة بقيادة السلطان الصالح نجم الدين أيوب، لكنه توفي في نهاية عام 1249م أثناء الحملة. ومع ذلك، استطاعت شجر الدر، أرملته، إخفاء خبر وفاته للحفاظ على استقرار الجبهة حتى تولي توران شاه، ابن السلطان، الحكم.
في تلك الأثناء، قاد الظاهر بيبرس، الذي كان قائداً في الجيش المصري وقتها، القوات في معركة المنصورة، ونجح في نصب كمين للقوات الصليبية داخل المدينة.
استخدم المصريون تكتيكات ذكية، حيث سمحوا للقوات الصليبية بدخول المدينة ثم أغلقوا عليهم المخارج، وشنوا هجوماً كاسحاً أدى إلى تكبيد الصليبيين خسائر فادحة. وكان من أبرز نتائج المعركة أسر الملك لويس التاسع، الذي تم نقله إلى دار ابن لقمان في المنصورة، حيث بقي هناك حتى تم إطلاق سراحه مقابل فدية ضخمة.
3_ نتائج المعركة :
1. انتصار المسلمين: كانت معركة المنصورة بمثابة انتصار كبير للمسلمين، وأوقفت تقدم الصليبيين في مصر.
2. أسر الملك لويس التاسع: شكل أسر لويس التاسع ضربة معنوية قوية للصليبيين وأثبت مدى قوة الجيش المصري تحت قيادة المماليك.
3. تعزيز حكم المماليك: المعركة ساعدت في تعزيز سلطة المماليك في مصر، وأعطت دفعاً إضافياً لتوليهم مقاليد الحكم لاحقاً.
4_ الأهمية التاريخية:
شكلت معركة المنصورة بداية نهاية الحملة الصليبية السابعة، وأبرزت براعة الجيش المصري في التصدي لأكبر القوى الأوروبية في ذلك الوقت. كما كانت نقطة تحول كبيرة في صعود الدولة المملوكية، التي أصبحت لاحقاً القوة الرئيسية في المنطقة بعد انهيار الدولة الأيوبية.
المصادر
- القلقشندي، "صبح الأعشى في كتابة الإنشاء".
- ابن الأثير، "الكامل في التاريخ".
الصعود إلى السلطة بعد وفاة الصالح نجم الدين أيوب:
بعد وفاة الصالح نجم الدين أيوب في 649 هـ / 1250 م، ومقتل السلطان توران شاة ونهاية حكم الدولة الايوبية فى مصر تعرضت مصر والشام لاضطرابات داخلية كبيرة. إلا أن المماليك، بقيادة عز الدين أيبك ، كانوا قد اكتسبوا سمعة قوية وبدأوا يلعبون دورًا محوريًا في السياسة. وكان بيبرس من بين الذين استفادوا من هذه الفوضى لتحقيق صعوده إلى السلطة.
معركة عين جالوت
1. هزيمة المغول في معركة عين جالوت (658 هـ / 1260 م):
لم تكن التحديات التي واجهها بيبرس في حياته محدودة بالصليبيين فقط. بعد سقوط بغداد بيد المغول عام 656 هـ / 1258 م ،وسقوط الخلافة العباسية بات العالم الإسلامي مهددًا بالغزو المغولي الشامل. وكانت مصر قد انتهى فيها حكم الدولة الايوبية بعد عزل ومقتل اخر سلطان ايوبي وهو السلطان توران شاه فجلس القائد عز الدين أيبك علي كرسى الحكم وتزوج من شجرة الدر لاكن فترة حكمه لم تدم طويلا فقد تم التخلص من أيبك ويقال ان وراء مقتلة هى شجرة الدر واصبح عرش الدولة المملوكية فارغ ، قاد المغول جيوشهم باتجاه الشام ومصر تحت قيادة كتبغا، أحد أعظم قادتهم العسكريين. وفي ظل هذه التهديدات، برز سيف الدين قطز، السلطان المملوكي، الذي قرر التصدي للمغول. وفي معركة عين جالوت الشهيرة التي جرت عام 658 هـ / 1260 م، لعب بيبرس دورًا محوريًا في وضع خطة المعركة وقيادة القوات المملوكية إلى النصر. كان انتصار المماليك في هذه المعركة حاسمًا، إذ أوقف تقدم المغول وأنقذ العالم الإسلامي من خطرهم.
2.دور بيبرس في معركة عين جالوت:
على الرغم من أن سيف الدين قطز كان السلطان الذي قاد المعركة، إلا أن بيبرس هو الذي رسم خطة الهجوم. تميزت خطته بتركيز على استخدام الأرض لصالح القوات المملوكية وتوجيه ضربات مباغتة لقوات المغول. حيث قاد بيبرس القوات في مقدمة المعركة وبدأ بالهجوم على جيش التتار بكتيبة صغيرة من فرسان المماليك فسحق العديد من التتار ثم انسحب بيبرس هو وكتيبتة من ميدان المعركة فظن كتبغا قائد التتار ان هذا العدد الصغير هو جيش الدولة المملوكية بالكامل فهجم بجيش التتار وظل يركض وراء كتيبة الظاهر بيبرس لم يدرك ان المعركة لم تبدأ بعد وان الجيش المماليك فى انتظارة بقيادة السلطان سيف الدين قطز وان هذا كمين محكم ، مما جعل الظاهر بيبرس من أبطال هذا الانتصار التاريخي.
تولي الظاهر بيبرس حكم الدولة المملوكية
1. اغتيال سيف الدين قطز وتولي بيبرس السلطة (658 هـ / 1260 م):
بعد النصر في عين جالوت، اشتدت الخلافات بين سيف الدين قطز وبيبرس، حيث كان الظاهر بيبرس يطمح في الحصول على المزيد من النفوذ لاكن السلطان سيف الدين قطز كان قد اعطى المناصب لأمراء اخرين حتى يضمن ولاء بعض الامراء لاكن لم يدرك سيف الدين قطز ان ما فعلة قد اشعل نار الغضب فى صدر الظاهر بيبرس وبعض امراء الدولة المملوكية . وأثناء عودة الجيش إلى مصر، اغتيل قطز في ظروف غامضة ويُعتقد أن بيبرس كان متورطًا في هذا الحادث. بعد ذلك، تمكن بيبرس من الوصول إلى السلطة ليصبح سلطانًا على مصر في 658 هـ / 1260 م.
2. تثبيت حكم الظاهر بيبرس:
بعد تولي الظاهر بيبرس السلطة ، كان على بيبرس أن يواجه العديد من التحديات الداخلية والخارجية لتثبيت حكمه. من الداخل، واجه الظاهر بيبرس معارضة من بعض المماليك المنافسين له على السلطة واعتلاء عرش الدولة المملوكية، ولكنه استطاع استخدام الحنكة السياسية والعسكرية لتوطيد سلطته وتسبيت حكمة . أما على الصعيد الخارجي، فقد ركز بيبرس على مواجهة الصليبيين في بلاد الشام ومحاربتهم والقضاء على نفوذ الصليبيين في المنطقة.
تحرير أنطاكية (666 هـ / 1268 م):
يُعتبر تحرير أنطاكية في 14 مايو 1268م (666 هـ) من أعظم الإنجازات العسكرية في التاريخ الإسلامي خلال العصور الوسطى، وكان جزءاً من الصراع المستمر بين المسلمين والصليبيين. تم هذا التحرير على يد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، الذي قاد عدة حملات عسكرية ناجحة ضد الصليبيين في بلاد الشام.
1_ خلفية التحرير:
أنطاكية كانت واحدة من أهم المراكز الاستراتيجية للصليبيين، حيث تأسست كمملكة صليبية بعد الحملة الصليبية الأولى عام 1098م. وظلت المدينة مركزاً رئيسياً للوجود الصليبي في المنطقة لمدة طويلة، نظراً لموقعها الاستراتيجي المهم الذي يربط بين بلاد الشام وآسيا الصغرى.
في منتصف القرن الثالث عشر، كان الصليبيون يعانون من تراجع كبير في نفوذهم وسيطرتهم على الأراضي التي احتلوها. ومع صعود الدولة المملوكية بقيادة الظاهر بيبرس، بدأ هذا التراجع يتسارع.
2_الحملة المملوكية على أنطاكية:
بعد سلسلة من الانتصارات التي حققها بيبرس ضد الصليبيين، بدأ في وضع خطط لاستعادة أنطاكية. كان حاكم أنطاكية في ذلك الوقت بوهمند السادس، والذي كان تابعًا لـ الإمبراطورية المغولية في بعض الأحيان.
في عام 1268م، شن الظاهر بيبرس حملة عسكرية كبيرة لاستعادة المدينة. بدأ الحصار على أنطاكية في مايو من نفس العام، واستخدم الجيش المملوكي تكتيكات قوية ومتقدمة لتحطيم أسوار المدينة وإضعاف دفاعاتها.
3_ سقوط أنطاكية:
في 14 مايو 1268م، استطاع الجيش المملوكي اقتحام المدينة بعد حصار شديد. سقطت أنطاكية بسرعة مفاجئة للصليبيين، وذلك بعد هجوم حاسم من القوات المملوكية. لم يتمكن حاكم المدينة بوهمند السادس من الصمود أمام الهجوم، وفرّ هاربًا.
نتج عن هذا السقوط إنهاء السيطرة الصليبية على أنطاكية بشكل نهائي، وتدمير الوجود الصليبي في معظم أجزاء الشام الشمالي. كانت هذه الضربة واحدة من أقوى الضربات التي تلقتها الإمارات الصليبية في المنطقة.
4_ نتائج التحرير:
1. استعادة السيطرة الإسلامية على أنطاكية: كانت أنطاكية تحت السيطرة الصليبية لأكثر من 170 عامًا، وكان تحريرها بمثابة عودة للأرض إلى سيطرة المسلمين.
2. تعزيز مكانة الظاهر بيبرس عزز هذا الانتصار مكانة الظاهر بيبرس كقائد عسكري استثنائي، وساهم في تقوية نفوذ الدولة المملوكية.
3. انهيار قوة الصليبيين في الشام: بعد سقوط أنطاكية، تراجعت قوة الصليبيين بشكل ملحوظ في المنطقة، مما أدى إلى ضعفهم التدريجي حتى سقوط آخر معاقلهم في عكا عام 1291م.
4. نهاية إمارة أنطاكية: كان تحرير أنطاكية إيذاناً بنهاية واحدة من أبرز الإمارات الصليبية في المشرق العربي، التي كانت تلعب دورًا محوريًا في الهجمات الصليبية على الأراضي الإسلامية.
5_ الأهمية التاريخية:
يعد تحرير أنطاكية محطة مهمة في تاريخ الحروب الصليبية، حيث أظهر القوة المتنامية للدولة المملوكية تحت قيادة الظاهر بيبرس، وأثبت أن الحروب الصليبية كانت تفقد قوتها وتأثيرها في المنطقة. كما أن هذا الحدث ساعد في استعادة المزيد من الأراضي الإسلامية ودفع الصليبيين إلى المزيد من الانحسار في المناطق الساحلية.
المصادر
- ابن شداد، "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية".
- المقريزي، "السلوك لمعرفة دول الملوك".
- ابن الأثير، "الكامل في التاريخ".
تحرير المدن الساحلية وتطهير بلاد الشام
في القرن الثالث عشر الميلادي، كان الصراع بين المسلمين والصليبيين في بلاد الشام قد بلغ ذروته، خاصة مع تزايد النفوذ المملوكي بعد صعود الدولة المملوكية. قاد المماليك سلسلة من الحملات العسكرية الناجحة لاستعادة المدن الساحلية من الصليبيين وتطهير بلاد الشام من وجودهم، حيث لعب السلطان الظاهر بيبرس دوراً محورياً في هذه العمليات العسكرية.
خلفية الصراع:
مع وصول الحملة الصليبية الأولى في أواخر القرن الحادي عشر، تمكن الصليبيون من السيطرة على العديد من المدن الساحلية الحيوية في بلاد الشام مثل عكا، صور، بيروت، طرابلس، وأنطاكية. أصبحت هذه المدن قواعد أساسية لهم وتحصينات محصنة على طول الساحل.
لكن بحلول منتصف القرن الثالث عشر، كانت قوة الصليبيين في تراجع مستمر، خاصة بعد هزائمهم في معارك رئيسية أمام المسلمين. وعمل المماليك، بعد تأسيس دولتهم في مصر، على استغلال هذا الضعف لإعادة السيطرة على المدن الساحلية المهمة.
1_ حملات الظاهر بيبرس (1260-1277)
عقب انتصاره في معركة عين جالوت (1260م)، بدأ الظاهر بيبرس في تنفيذ خطط لتحرير المدن الساحلية، إدراكاً منه لأهمية هذه المدن استراتيجياً واقتصادياً. كانت المدن الساحلية توفر للصليبيين دعماً لوجستياً من أوروبا ومنافذ بحرية للتجارة والغذاء.
- 1.تحرير قيسارية وأرسوف (1265م): شن بيبرس حملة واسعة على هذه المدن ونجح في تحريرهما بعد مقاومة عنيفة. قام بتهديم أسوارها لمنع الصليبيين من استخدامها مجدداً.
-2.تحرير صفد (1266م): بعد حصار دام شهورًا، استولى بيبرس على قلعة صفد التي كانت أحد أهم القلاع الصليبية في الجليل.
-3. تحرير أنطاكية (1268م): كانت أنطاكية واحدة من أكبر المكاسب التي حققها بيبرس، حيث سقطت المدينة بعد حصار محكم، وتم القضاء على الإمارة الصليبية هناك بشكل نهائي.
المصادر
- ابن كثير، "البداية والنهاية".
- المقريزي، "السلوك لمعرفة دول الملوك".
- ابن الأثير، "الكامل في التاريخ".
الإصلاحات الداخلية في عهد بيبرس
إلى جانب إنجازاته العسكرية، قام الظاهر بيبرس بالعديد من الإصلاحات الداخلية التي ساهمت في تعزيز استقرار الدولة المملوكية. قام بتطوير النظام القضائي، وأعطى دورًا أكبر للقضاء الإسلامي. كما أنشأ جهاز استخبارات قوي لمراقبة الأوضاع الداخلية والوقوف ضد أية محاولات انقلاب.
1. إحياء الخلافة العباسية في القاهرة (659 هـ / 1261 م):
بعد سقوط بغداد في أيدي المغول، أصبحت الخلافة العباسية بلا مقر. أدرك بيبرس أن إحياء الخلافة في القاهرة سيمنحه شرعية دينية. ولذلك، استقدم أحد أفراد الأسرة العباسية إلى القاهرة وأعلنه خليفة شكليًا في 659 هـ / 1261 م. وعلى الرغم من أن الخليفة لم يكن له نفوذ حقيقي، إلا أن هذا الإجراء ساهم في تعزيز شرعية بيبرس كحاكم للعالم الإسلامي.
2. العلاقات الخارجية والتحالفات:
كان بيبرس يدرك أهمية إقامة علاقات خارجية قوية، لذا عمل على تحييد الأعداء الخارجيين عن طريق إقامة تحالفات مع القوى الأخرى. على سبيل المثال، أبرم تحالفات مع الدولة الذهبية في الشمال والدولة السلجوقية في الأناضول، كما أرسل سفارات إلى الدول الأوروبية دون تجدد الحملات الصليبية.
النهضة العمرانية في عهد بيبرس
وفى الختام
يُعد السلطان الظاهر بيبرس واحدًا من أعظم الشخصيات في تاريخ العالم الإسلامي، حيث استطاع أن يحول مسار حياته من مملوك بسيط إلى أحد أقوى السلاطين في الدولة المملوكية. بفضل ذكائه العسكري وحنكته السياسية، تمكن من تحقيق سلسلة من الانتصارات العسكرية التي عززت مكانة الدولة المملوكية كقوة عظمى في المنطقة.
لم تتوقف إنجازاته عند حدود الانتصارات العسكرية فقط، بل كان بيبرس أيضًا قائدًا إصلاحيًا بامتياز. فقد قام بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الداخلية التي طالت مختلف القطاعات، بدءًا من البنية التحتية وصولًا إلى الأنظمة الإدارية. ساهمت هذه الإصلاحات في ترسيخ أركان الدولة المملوكية، مما جعلها قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
أحد أبرز إنجازاته كان النهضة العمرانية في عهد بيبرس، التي شهدت بناء المساجد، المدارس، القلاع، والتحصينات، إلى جانب تطوير الزراعة والاقتصاد من خلال تحسين أنظمة الري وزيادة الإنتاج الزراعي. هذه المشاريع العمرانية لم تُسهم فقط في استقرار الدولة، بل جعلت منها قوة اقتصادية ذات نفوذ كبير في العالم الإسلامي.
بفضل هذه الإنجازات المتعددة، ترك الظاهر بيبرس بصمة لا تُمحى في صفحات التاريخ، سواء من خلال انتصاراته العسكرية التي دافعت عن العالم الإسلامي ضد التهديدات الخارجية، أو من خلال إصلاحاته التي عززت قوة الدولة من الداخل. يُعد بيبرس رمزًا للقوة، الحكمة، والشجاعة، واستمرت إنجازاته تشكل جزءًا مهمًا من إرث الدولة المملوكية التي صمدت لقرون بفضل الأسس التي وضعها. السلطان الظاهر بيبرس سيبقى دائمًا إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرًا في التاريخ الإسلامي.
شكرًا لزيارتك مدونتي!
أحب أن أسمع أفكارك وآراءك حول ما تقرأه هنا. يرجى ترك تعليقك أدناه وإخباري برأيك في المقالة. تعليقاتك ذات قيمة بالنسبة لي وتساعد في تحسين المحتوى الذي أقدمه.
ملاحظة:
يرجى تجنب استخدام اللغة الغير اللائقة.
سيتم إزالة التعليقات التي تحتوي على روابط غير مرغوب فيها أو لغة مسيئة.
شكرًا لوقتك وأتطلع لقراءة تعليقاتك!